للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أقسام النميمة]

وللنميمة ثلاثة أقسام وهي كما يلي:

١ - النميمة المحرمة:

وهي التي يكون الكلام فيها سلبي يلحق الضرر بالآخرين، وذلك بذكر أسرارهم الخاصة وسرد فضائحهم ومساوئهم.

٢ - النميمة الواجبة:

وهي التي تكون للتحذير من شر واقع على إنسان ما، فيُخبر بذلك الشر ليحذره.

وقال ابن الملقن وهو يتحدث عن النميمة: (أما إذا كان فعلها نصيحة في ترك مفسدة أو دفع ضرر، وإيصال خير يتعلق بالغير لم تكن محرمة ولا مكروهة، بل قد تكون واجبة أو مستحبة) (١).

قال النووي: (وهذا كله إذا لم يكن في النقل مصلحة شرعية وإلا فهي مستحبة أو واجبة كمن اطلع من شخص أنه يريد أن يؤذي شخصاً ظلماً فحذره منه) (٢).

٣ - النميمة المباحة:

قال ابن كثير وهو يتحدث عن النميمة: (فأما إذا كانت على وجه الإصلاح بين الناس وائتلاف كلمة المسلمين، كما جاء في الحديث: ((ليس بالكذاب من يَنمّ خيرًا)) (٣)، أو يكون على وجه التخذيل والتفريق بين جموع الكفرة، فهذا أمر مطلوب، كما جاء في الحديث: ((الحرب خدعة)) (٤)، وكما فعل نعيم بن مسعود في تفريقه بين كلمة الأحزاب وبين قريظة، وجاء إلى هؤلاء فنمى إليهم عن هؤلاء كلامًا، ونقل من هؤلاء إلى أولئك شيئًا آخر، ثم لأم بين ذلك، فتناكرت النفوس وافترقت، وإنما يحذو على مثل هذا الذكاء والبصيرة النافذة) (٥).

قال النّوويّ: (فلو دعت إلى النّميمة حاجةٌ فلا منع منها، كما إذا أخبره أنّ إنسانًا يريد الفتك به أو بأهله أو بماله، أو أخبر الإمام أو من له ولايةٌ بأنّ فلانًا يسعى بما فيه مفسدةٌ، ويجب على المتولّي الكشف عن ذلك) (٦).

وقسم النّبيّ صلى الله عليه وسلم قسمةً، فقال رجلٌ من الأنصار: والله ما أراد محمّدٌ بهذا وجه الله، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فتمعّر وجهه، وقال: ((رحم الله موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر)) (٧).

قال ابن بطال: (في هذا الحديث من الفقه أنه يجوز للرجل أن يخبر أهل الفضل والستر من إخوانه بما يقال فيهم مما لايليق بهم، ليعرفهم بذلك من يؤذيهم من الناس وينقصهم، ولا حرج عليه في مقابلته بذلك وتبليغه له. وليس ذلك من باب النميمة؛ لأن ابن مسعود حين أخبر النبي عليه السلام بقول الأنصاري فيه وتجويره له في القسمة، لم يقل له: أتيت بما لايجوز، ونمت الأنصاري والنميمة حرام، بل رضي ذلك عليه السلام، وجاوبه عليه بقوله: ((يرحم الله موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر)) (٨)، وإنما جاز لابن مسعود نقل ذلك إلى النبي عليه السلام لأن الأنصاري في تجويره للنبي -عليه السلام- استباح إثمًا عظيمًا وركب جرمًا جسيمًا، فلم يكن لحديثه حرمة، ولم يكن نقله من باب النميمة) (٩).


(١) ((الإعلام بفوائد عمدة الأحكام)) لابن الملقن (١/ ٥٣١).
(٢) ((فتح الباري)) لابن حجر (١٠/ ٤٧٣).
(٣) رواه بمعناه البخاري (٢٦٩٢)، ومسلم (٢٦٠٥) من حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها.
(٤) رواه البخاري (٣٠٣٠)، ومسلم (١٧٣٩) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٥) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (١/ ٣٧١).
(٦) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (٢/ ١٩٧).
(٧) رواه البخاري (٣١٥٠)، ومسلم (١٠٦٢) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٨) رواه البخاري (٣٤٠٥)، ومسلم (١٠٦٢) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٩) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (١٠/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>