للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صور السماحة]

(الناس على اختلاف مستوياتهم في الذكاء واختلاف نماذجهم الخلقية يوجد فيهم من يتمتعون بخلق سماحة النفس، فهم هينون لينون سمحاء، ويوجد فيهم آخرون نكدون متشددون يتذمرون من كل شيء لا يوافق هواهم) (١). وقد قال صلى الله عليه وسلم كما مر معنا في الحديث: ((رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى)) (٢) وصور سماحة النفس كثيرة فمنها:

١ - السماحة في التعامل مع الآخرين:

ويكون بعدم التشديد والغلظة في التعامل مع الآخرين حتى ولو كان خادماً فعن أنس قال ((خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي: أف، ولا: لم صنعت؟ ولا: ألا صنعت)) (٣).

٢ - السماحة في البيع والشراء:

وتكون السماحة في البيع والشراء، بأن لا يكون البائع مغالياً في الربح، ومكثرا في المساومة، بل عليه أن يكون كريم النفس. وبالمقابل على المشتري أيضاً أن يتساهل وأن لا يدقق في الفروق البسيطة، وأن يكون كريماً مع البائع وخاصة إذا كان فقيراً.

٣ - السماحة في قضاء الحوائج:

فإن الذي يقضي حوائج الناس فينفس كربتهم وييسر على معسرهم ييسر الله عنه في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم، قال: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)) (٤).

٤ - السماحة في الاقتضاء:

قال تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: ٢٨٠].

قال السعدي: (وَإِن كَانَ المدين ذُو عُسْرَةٍ لا يجد وفاء فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وهذا واجب عليه أن ينظره حتى يجد ما يوفي به وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ إما بإسقاطها أو بعضها) (٥). فمن السماحة في الاقتضاء أن يراعي حال المدين، وأن لا يطالبه بشدة وأمام الناس، قال صلى الله عليه وسلم: ((من طلب حقا فليطلبه في عفاف، واف أو غير واف)) (٦).


(١) ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (٢/ ٤٤١).
(٢) رواه البخاري (٢٠٧٦) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٣) رواه البخاري (٦٠٣٨)، ومسلم (٢٣٠٩)، واللفظ للبخاري.
(٤) رواه مسلم (٢٦٩٩).
(٥) ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (١١٦).
(٦) رواه ابن ماجه (٢٤٢١)، وابن حبان (١١/ ٤٧٤) (٥٠٨٠)، والحاكم (٢/ ٣٨) (٢٢٣٨) من حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم. قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٦٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>