للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فوائد وآثار الصدق]

إذا تمكن الصدق من القلب سطع عليه نوره، وظهرت على الصادق آثاره، في عقيدته وعباداته، وأخلاقه وسلوكياته، ومن هذه الآثار:

١ - سلامة المعتقد:

فمن أبرز آثار الصدق على صاحبه: سلامة معتقده من لوثات الشرك ما خفي منه وما ظهر.

٢ - البذل والتضحية لنصرة الدين:

فالصادق قد باع نفسه وماله وعمره لله، ولنصرة دين الله؛ إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، همه رضا مولاه.

٣ - الهمة العالية:

الصادقون أصحاب همة عالية، وعزيمة قوية ماضية، همهم رضا ربهم، يسيرون معها أين توجهت ركائبها، ويستقلون معها أين استقلت مضاربها؛ ترى الصادق قد عمر وقته بالطاعات، وشغله بالقربات، (فبينما هو في صلاة إذ رأيته في ذكر ثم في غزو، ثم في حج، ثم في إحسان للخلق بالتعليم وغيره من أنواع النفع، ثم في أمر بمعروف أو نهي عن منكر، أو في قيام بسبب فيه عمارة الدين والدنيا، ثم في عيادة مريض، أو تشييع جنازة، أو نصر مظلوم – إن أمكن – إلى غير ذلك من أنواع القرب والمنافع) (١).

٤ - تلافي التقصير واستدراك التفريط:

الصادق قد تمر به فترة ولكنها إلى سنة، وقد يعتريه تقصير ولكنه سرعان ما يتلاقاه بتكميل، وقد يلم بذنب ولكنه سريع التيقظ والتذكر فيقلع ويندم ويرجع: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ [الأعراف: ٢٠١]. وقد يحصل منه تفريط فيستدرك، فبالصدق (يتلاقى كل تفريط، فيصلح من قلبه ما مزقته يد الغفلة والشهوة، ويعمر منه ما خربته يد البطالة، ويلم منه ما شعثته يد التفريط والإضاعة) (٢).

٥ - حب الصالحين وصحبة الصادقين:

من علامات الصادق، وأثر الصدق في قلبه، أنه يضيق بصحبة أهل الغفلة، ولا يصبر على مخالطتهم إلا بقدر ما يبلغهم به دعوة الله وينشر الخير بينهم، فلا يصحبهم إلا لضرورة من دين أو دنيا؛ ذلك لأن ((المرء على دين خليله)) (٣)، والصاحب ساحب، وكل قرين بالمقارن يقتدي؛ ولهذا قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف: ٢٨]، وقال الله تعالى للمؤمنين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة: ١١٩]. فمجالسة الصالحين نعمة يستعين بها المرء للوصول إلى رضا ربه.

٦ - الثبات على الاستقامة:

فمن آثار الصدق تمسك الصادق بدينه عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، سلوكاً وهدياً؛ فالتزامه بهذا الدين ليس انتقائياً، يلتزم بما يهوى ويترك ما لا يروق له ولا تشتهيه نفسه، كما أنه التزام ثابت راسخ غير متذبذب ولا متردد، لا تغويه الشبهات، ولا تغريه الشهوات، ولا تستزله الفتن، ولا تزلزله المحن.

٧ - البعد عن مواطن الريب:

((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة)) (٤).

٨ - حصول البركة في البيع والشراء:

((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) (٥).

١٠ - الوفاء بالعهود:

قال شيخ الإسلام الهروي رحمه الله: (وعلامة الصادق: ألا يتحمل داعية تدعو إلى نقض عهد)) (٦) (٧).


(١) ((المدارج)) (ص: ٣١٠).
(٢) ((المدارج)) (ص: ٣١٥).
(٣) رواه أحمد (٢/ ٣٣٤) (٨٣٩٨)، والحاكم (٤/ ١٨٨)، والطيالسي (٤/ ٢٩٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال البغوي في ((شرح السنة)) (٦/ ٤٧٠): حسن غريب. وحسنه ابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (١٥١)، وصحح إسناده أحمد شاكر في ((تخريج المسند)) (١٥/ ١٧٨).
(٤) رواه الترمذي (٢٥١٨)، والنسائي (٥٧١١). وقال الترمذي: حسن صحيح. وحسنه النووي في ((المجموع)) (١/ ١٨١)، وصححه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (٣١٨).
(٥) رواه البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢).
(٦) ((المدارج)) (٢/ ٣١٥).
(٧) ((الرائد ... دروس في التربية والدعوة)) لمازن بن عبد الكريم الفريح (٣/ ٢٥٥). بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>