للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صور العفة]

١ - العفة عما في أيدي الناس:

وهي أن يعف عما في أيدي الناس وعدم سؤالهم المسألة فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا وأتكفل له بالجنة)). فقال ثوبان أنا. فكان لا يسأل أحدا شيئا. (١).

٢ - العفة عما حرم الله:

وهي أن يعف عن المحرمات والفواحش ونذكر هنا عفة نبي الله يوسف عليه السلام حيث وجدت دواعي الفتنة ولم يستسلم أمام التهديدات والإغراءات وقد (ذكر الله عن نبيه يوسف عليه السلام من العفاف أعظم ما يكون، فإن الداعي الذي اجتمع في حقه لم يجتمع في حق غيره، فكان شاب في ريعان الشباب، مكتمل الرجولة، رائع الفتوة، تدعوه إلى نفسها امرأة ذات منصب وجمال، والأبواب مغلقة، والسبل ميسرة كما حكى القرآن الكريم: وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ [يوسف: ٢٣].

فماذا كان موقفه أمام هذا الإغراء وتلك الفتنة التي تخطف الأبصار هل لانت نفسه فاستسلم وخان عرضا اؤتمن عليه؟ كلا إنما قال: مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [يوسف: ٢٣].

ولقد حاولت امرأة العزيز بكيدها ومكرها وبكل ما لديها من ألوان الإغراء والتهديد أن تذيب من صلابته وتضعضع من شموخه، وأعلنت ذلك للنسوة في ضيق وغيظ: وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ [يوسف: ٣٢].

كانت فتنة بين ضمير المؤمن وخشيته الربانية ومغريات الإثم ففشلت المغريات وانتصر الإيمان) (٢).

- نموذج آخر في العفة عما حرم الله، وهو جريج العابد؛ تتعرض له بغي من بغايا بني إسرائيل، فيعف نفسه ولم يلتفت إليها فتحاول أن تنتقم منه لامتناعه:

فقد روى مسلم في (صحيحه) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه (( ... تذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها فقالت إن شئتم لأفتننه لكم - قال - فتعرضت له فلم يلتفت إليها فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها فوقع عليها فحملت فلما ولدت قالت هو من جريج. فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه فقال ما شأنكم قالوا زنيت بهذه البغي فولدت منك. فقال أين الصبي فجاءوا به فقال دعوني حتى أصلي فصلى فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه وقال يا غلام من أبوك قال فلان الراعي - قال - فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به وقالوا نبني لك صومعتك من ذهب. قال لا أعيدوها من طين كما كانت (٣).

٣ - كف اللسان عن الأعراض:

يجب على المسلم كف لسانه عن أعراض الناس، وأن لا يقول إلا طيباً فعن عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه)) (٤).

وعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال: قل ربي الله ثم استقم قلت: يا رسول الله ما أخوف ما تخاف عليّ؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال: هذا. (٥)


(١) رواه أبو داود (١٦٤٣)، وأحمد (٥/ ٢٧٦) (٢٢٤٢٨)، والحاكم (١/ ٥٧١). وصحح إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٢/ ٣٩)، وصحح إسناده النووي في ((رياض الصالحين)) (٢٣٧)، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (١٦٤٣).
(٢) ((مسؤولية التربية الجنسية)) عبد الله علوان (ص٨٥ - ٨٦).
(٣) رواه مسلم (٢٥٥٠).
(٤) رواه البخاري (١٠).
(٥) رواه الترمذي (٢٤١٠)، وابن ماجه (٣٩٧٢)، وأحمد (٣/ ٤١٣) (١٥٤٥٧). قال الترمذي: حسن صحيح. وصحح إسناده الزيلعي في ((تخريج الكشاف)) (٣/ ٢٣٠)، وصححه الألباني في ((صحيح الترمذي)) (٢٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>