للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نماذج من عفو الصحابة رضي الله عنهم:]

عفو أبي بكر رضي الله عنه:

- عفوه عن مسطح بن أثاثة: و ((كان مسطح بن أثاثة ممن تكلم في الإفك فلما أنزل الله براءة عائشة قال أبو بكر الصديق -وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره - والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ إلى قوله وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قال أبو بكر الصديق بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال والله لا أنزعها منه أبدا)) (١).

- وعن أبي هريرة: ((أن رجلا شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر فقال يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت قال إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان ثم قال يا أبا بكر ثلاث كلهن حق ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله عز وجل إلا أعز الله بها نصره وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله عز وجل بها قلة)) (٢).

عفو عمر رضي الله عنه:

- عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: ((قدم عيينة بن حصن بن حذيفة، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته، كهولا كانوا، أو شبانا، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي، هل لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه، قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة، فأذن له عمر، فلما دخل عليه قال: هي يا ابن الخطاب، فوالله، ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر، حتى هم أن يوقع به، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب الله)) (٣).

علية بن زيد رضي الله عنه يتصدق بعرضه:

- لما حض رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس على الزكاة، قال علية بن زيد الحارثي: ((اللهم إنه ليس عندي شيء أتصدق به، إلا أعواد عليها شجب من ماء، ووسادة حشوها ليف، اللهم إني أتصدق بعرضي على من ناله من الناس، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر مناديا فنادى: أين المتصدق بعرضه على الناس البارحة؟ فصمت، ثم أعاد ذلك مرتين أو ثلاثا، ثم قال علبة: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظر إليه: ألا إن الله قد قبل صدقتك يا أبا محمد)) (٤).


(١) رواه البخاري (٢٦٦١).
(٢) رواه أحمد (٢/ ٤٣٦) (٩٦٢٢)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (١٠/ ٤٠٠) (٢١٠٩٦).: قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٨/ ١٩٢): رجاله رجال الصحيح. وقالالبوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (٥/ ٤٧٨): رواته ثقات. وجوَّد إسناده الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٥/ ٢٧١).
(٣) رواه البخاري (٤٦٤٢).
(٤) رواه أبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (٤/ ٢٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>