للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صور الغيرة]

١ - غيرة الله على محارمه:

- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس أحد أحب إليه المدح من الله عز وجل، من أجل ذلك مدح نفسه. وليس أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش. وليس أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل)) (١).

قال العيني: (وأما معنى غيرة الله تعالى فالزجر عن الفواحش والتحريم لها والمنع منها لأن الغيور هو الذي يزجر عما يغار عليه وقد بين ذلك بقوله ومن غيرته حرم الفواحش أي زجر عنها ومنع منها وقال غيرة الله أن لا يأتي المؤمن ما حرم الله عليه) (٢).

٢ - الغيرة لله سبحانه وتعالى:

ومن صور هذه الغيرة:

١ - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

فإن القيام بهذه الشعيرة من أعظم الواجبات، وهو دليل على الغيرة على دين الله سبحانه وتعالى، قال صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) (٣).

٢ - عدم تعظيم الكفار والركون إليهم:

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: ٥١].

قال ابن كثير: (نهى تعالى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى، الذين هم أعداء الإسلام وأهله، قاتلهم الله، ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض، ثم تهدد وتوعد من يتعاطى ذلك فقال: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٤).

٣ - الفرح بزوال الظلم والظلمة:

إن المسلم الغيور ليفرح إذا أزيل منكر، وقمعت فاحشة، وأخمدت فتنة، كيف لا، وربنا يقول: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النور: ١٩].

(بل إن الفرح بما يصيب الناس من البلاء وإن كان مذموماً فإنه حين يكون لإصابة مفسد أو ظالم ببلاء يمنعه من فساده وظلمه، ويجعله لغيره من الظلمة عبرة، فلا يكون مذموماً، بل غيرة في الدين، والغيرة من الإيمان، ففرحه حينئذ بزوال الفساد والظلم لا بإصابة البلاء والمصيبة، كما ذكره بعض العلماء (٥)) (٦). وكيف لا يفرح المسلم إذا رأى الظلمة والمستبدين يزولون ويتساقطون كأوراق الخريف!!.

٣ - الغيرة للمخلوق والغيرة عليه

والغيرة للمخلوق كما قال ابن القيم: (إما أن تكون غيرة للمحبوب، أو غيرة عليه. فالغيرة للمحبوب هي الحمية له والغضب له إذا استهين بحقه وانتقصت حرمته وناله مكروه من عدوه فيغضب له المحب ويحمى وتأخذه الغيرة له بالمبادرة إلى التغيير ومحاربة من آذاه فهذه غيرة المحبين حقا وهي من غيرة الرسل وأتباعهم لله ممن أشرك به واستحل محارمه وعصى أمره وهذه الغيرة هي التي تحمل على بذل نفس المحب وماله وعرضه لمحبوبه حتى يزول ما يكرهه.

وأما الغيرة على المحبوب فهي: أنفة المحب وحميته أن يشاركه في محبوبه غيره) (٧).


(١) رواه مسلم (٢٧٦٠).
(٢) ((عمدة القاري)) للعيني (٢٠/ ٢٠٥).
(٣) رواه مسلم (٤٩).
(٤) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (٣/ ١٣٢).
(٥) ((بريقة محمودية)) (٢/ ٢٦٦/٢٣٨).
(٦) ((الغيرة على المرأة)) لعبد الله المانع (ص: ٧٢).
(٧) ((روضة المحبين ونزهة المشتاقين)) لابن قيم الجوزية (ص: ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>