للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقوال السلف والعلماء في المحبة]

- عن أبي حيان التيمي- رحمه الله- قال: (رؤي على علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- ثوب كأنه كان يكثر لبسه، فقيل له فيه. فقال: هذا كسانيه خليلي وصفيي عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- إن عمر ناصح الله فنصحه) (١).

- وعن مجاهد- رحمه الله- قال: (مر على عبد الله بن عباس رجل فقال: إن هذا يحبني. فقيل: أنى علمت ذلك؟ قال: إني أحبه) (٢).

- وعن سفيان بن عيينة، قال: (سمعت مساور الوراق يحلف بالله- عز وجل- ما كنت أقول لرجل إني أحبك في الله- عز وجل- فأمنعه شيئا من الدنيا) (٣).

- وقال ابن تيمية: (إنك إذا أحببت الشخص لله، كان الله هو المحبوب لذاته، فكلما تصورته في قلبك، تصورت محبوب الحق فأحببته، فازداد حبك لله، كما إذا ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله والمرسلين وأصحابهم الصالحين، وتصورتهم في قلبك، فإن ذلك يجذب قلبك إلى محبة الله المنعم عليهم، وبهم، إذا كنت تحبهم لله. فالمحبوب لله يجذب إلى محبة الله، والمحب لله إذا أحب شخصا لله فإن الله هو محبوبه. فهو يحب أن يجذبه إلى الله تعالى، وكل من المحب لله والمحبوب لله يجذب إلى الله) (٤).

- وقال ابن قيم الجوزية: (المحبّة هي حياة القلوب وغذاء الأرواح، وليس للقلب لذّة، ولا نعيم، ولا فلاح، ولا حياة إلّا بها. وإذا فقدها القلب كان ألمه أعظم من ألم العين إذا فقدت نورها، والأذن إذا فقدت سمعها، والأنف إذا فقد شمّه، واللّسان إذا فقد نطقه، بل فساد القلب إذا خلا من محبّة فاطره وبارئه وإلهه الحقّ أعظم من فساد البدن إذا خلا من الرّوح، وهذا الأمر لا يصدّق به إلّا من فيه حياة) (٥).

- وقال: (وَاعجَبا لمن يَدعِي الْمحبَّة وَيحْتَاج إِلَى من يذكرهُ بمحبوبه فَلَا يذكرهُ إِلَّا بمذكر أقل مَا فِي الْمحبَّة أَنَّهَا لَا تنسيك تذكر المحبوب) (٦).

- وقال أيضاً: (إِذا سَافر الْمُحب للقاء محبوبه ركبت جُنُوده مَعَه فَكَانَ الْحبّ فِي مُقَدّمَة الْعَسْكَر والرجاء يَحْدُو بالمطي والشوق يَسُوقهَا وَالْخَوْف يجمعها على الطَّرِيق فَإِذا شَارف قدوم بلد الْوَصْل خرجت تقادم الحبيب باللقاء) (٧).

- و (قال أبو بكر الورّاق: سأل المأمون عبد الله بن طاهر ذا الرياستين عن الحب، ما هو؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إذا تقادحت جواهر النفوس المتقاطعة بوصل المشاكلة، انبعثت منها لمحة نور تستضيء بها بواطن الأعضاء، فتتحرّك لإشراقها طبائع الحياة، فيتصوّر من ذلك خلق حاضر للنفس، متصل بخواطرها، يسمى الحب.

- وسئل حمّاد الراوية عن الحب، ما هو؟ قال: الحب شجرة أصلها الفكر، وعروقها الذكر، وأغصانها السهر، وأوراقها الأسقام، وثمرتها المنيّة.

- وقال معاذ بن سهل: الحب أصعب ما ركب، وأسكر ما شرب، وأفظع ما لقي، وأحلى ما اشتهي، وأوجع ما بطن، وأشهى ما علن.

وهو كما قال الشاعر:

وللحبّ آفات إذا هي صرّحت ... تبدّت علامات لها غرر صفر

فباطنه سقم وظاهره جوى ... وأوّله ذكر وآخره فكر) (٨)

- و (قال أبو بكر الوراق: حقيقة المحبة مشاهدة المحبوب على كل حال، فإن الاشتغال بالغير حجاب، وأصله التسليم واليقين، فإنها يبلغان إلى درجات المتقين في جنات النعيم) (٩).


(١) ((المصنف)) لابن أبي شيبة (٦/ ٣٥٦).
(٢) ((الأخوان)) لابن أبي الدنيا (ص ١٢٧).
(٣) ((مكارم الأخلاق)) لابن أبي الدنيا (ص ٩٣).
(٤) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (١٠/ ٦٠٨).
(٥) ((الجواب الكافي)) لابن قيم الجوزية (ص٢٣٣ - ٢٣٤).
(٦) ((الفوائد)) لابن قيم الجوزية (ص٧٧).
(٧) ((الفوائد)) لابن قيم الجوزية (ص٧٧).
(٨) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (٢/ ١٦٧ - ١٦٨).
(٩) ((بحر الدموع)) لابن الجوزي (ص٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>