للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البخل والشح في واحة الشعر ..]

قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

إِذا جادتِ الدنيا عليكَ فجُدْ بها ... على الناسِ طراً إِنها تَتَقَلَّبُ

فلا الجودُ يفنيها إِذا هي أقبلتْ ... ولا البخلُ يُبْقيها إِذا هي تَذْهَبُ

وقال أيضاً:

ما أحسنَ الجودَ في الدنيا وفي الدينِ ... وأقبحَ البخلَ فيمن صيغَ من طينِ

ما أحسن الدينَ والدنيا إِذا اجتمعا ... لا باركَ الله في الدنيا بلا دينِ

وقال المقنع الكندي:

إِني أحرضُ أهلَ البخلِ كلهمُ ... لو كان ينفعُ أهلَ البخلِ تحريضي

ما قلَّ مالي إِلا زادني كرماً ... حتى يكونَ برزقِ الله تعويضي

والمالُ يرفعُ من لولا دراهمُهُ ... أمس يُقَلِّبُ فينا طرفَ مَخْفوضِ

لن تَخْرُجَ البيضُ عفواً من أكفهمُ ... إِلا على وَجَعٍ منهم وتمريضِ

كأنها من جلودِ الباخلين بها ... عند النوائبِ تُحْذى بالمقاريضِ

وقال آخر:

فَلا الْجودُ يُفْنيِ المالَ وَالجَدُّ مُقْبِلٌ ... وَلا الْبُخْلُ يُبْقي المَالَ وَالْجَدُّ مُدْبِرُ (١)

وقال إسحاق الموصلي:

وآمرةً بالبخلِ قلتُ لها اقْصِري ... فليسَ إِلى ما تأمرينَ سبيلُ

أَرى الناسَ خلانَ الجوادِ ولا أرى ... بخيلاً له في العالمينَ خليلُ

ومن خَيْرِ حالاتِ الفتى لو علمتِه ... إِذا قالَ شيئاً أن يكونَ ينيلُ

فإِني رأيتُ البخلَ يزري بأهِله ... فأكرمْتُ نفسي أن يقالَ بخيلُ

عطائي عطاءُ المكثرين تجملاً ... ومالي كما قد تعلمينَ قليلُ

وقال عمرو بن الأهتم:

ذريني فإِن البخلَ يا أم هيثمٍ ... لصالحِ أَخلاقِ الرجالِ سروقُ

لعمركِ ما ضاقَتْ بلادٌ بأهِلها ... ولكن أخلاقَ الرجالِ تَضِيْقُ (٢)

وقال ابن الزقاق:

لا يُحمدُ البخلُ أن دانَ الأنامُ به ... وحامِدُ البخلِ مذمومُ ومدحورُ

وقال الجاحظ:

سقامُ الحرصِ ليس له شفاءٌ ... وداءُ البُخْلِ ليس له طبيبُ

وقال علي بن ذكوان:

أنفِقْ ولا تخشَ إِقلالاً فقد قُسمت ... بينَ العبادِ مع الآجالَ أرزاقُ

لا ينفعُ البخلُ مع دنيا موليةٍ ... ولا يضرُ مع الإقبالِ إِنفاقُ

وقال عبد الله بن المعتز:

أعاذلَ ليس البخلُ مني سجيةً ... ولكن رأيتُ الفقرَ شرَّ سبيلِ

لَموتُ الفتى خيرٌ من البخلِ للفتى ... ولَلْبُخْلُ خيرٌ من سؤالِ بخيلِ

لعمُركَ ما شيءٌ لوجهِك قيمةٌ ... فلا تلقَ مخلوقاً بوجهِ ذليلِ

ولا تسألنْ من كان يسألُ مرةً ... فللموتُ خيرٌ من سؤالِ سؤولِ

وقال العثماني:

فلا الجودُ يفني المالَ قبل فنائهِ ... ولا البخلُ في مالِ الشحيحِ يزيدُ

فلا تلتمسْ مالاً بعيشٍ مقترٍ ... لكلِّ غدٍ رزقٌ يعودُ جديدُ

وقال قيس بن الخطيم:

وليس بنافعٍ ذا البخلِ مالٌ ... ولا مُزْرٍ بصاحبِه السخاءُ

وبعضُ الداءِ ملتمس شِفاهُ ... وداءُ النوكِ ليس له شفاءُ

وقال علي بن مقرَّب:

كلُّ السيادةِ في السخاءِ ولن ترى ... ذا البخلِ يُدعى في العشيرةِ سيدا

وقال دعبل الخزاعي:

ألا إِنما الإِنسانُ غمدٌ لقلبهِ ... فلا خيرَ في غِمْدٍ إِذا لم يكن نصلُ

ولا خيرَ في وعدٍ إِذا كان كاذباً ... ولا خيرَ في قول إِذا لم يكن فعلُ

فإِن تجمعِ الآفاتِ فالبخلُ شَرُّها ... وشَرٌّ من البخلِ المواعيدُ والمطلُ

وقال آخر:

ويظهر عيب المرء في الناس ... بخله ويستره عنهم جميعا سخاؤه

تغط بأثواب السخاء فإنني ... أرى كل عيب فالسخاء غطاؤه (٣)

وقال آخر:

وهبني جمعت المال ثم خزنته ... وحانت وفاتي هل أزاد به عمرا

إذا خزن المال البخيل فإنه ... سيورثه غما ويعقبه وزرا (٤) ...


(١) ((المثل السائر)) لضياء الدين بن الأثير (٣/ ١٤٧).
(٢) ((المفضليات)) للمفضل الضبي (ص١٢٧).
(٣) ((الوابل الصيب)) لابن القيم (ص٣٤).
(٤) ((المستطرف)) للأبشيهي (ص١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>