للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرق بين التجسس والتحسس]

قال أبو هلال العسكري: (الفرق بين التحسس والتجسس: التحسس - بالحاء المهملة -: طلب الشيء بالحاسة, والتجسس - بالجيم - مثله. وفي الحديث: ((لا تحسسوا، ولا تجسسوا)) قيل: معناهما واحد، وعطف أحدهما على الآخر لاختلاف اللفظين كقول الشاعر:

متى أدن منه ينأ عني ويبعد.

وقيل: التجسس - بالجيم - البحث عن عورات النساء, - وبالحاء - الاستماع لحديث القوم،

ويروى أن ابن عباس سئل عن الفرق بينهما فقال: (لا يبعد أحدهما عن الآخر: التحسس في الخير، والتجسس في الشر) (١).

قلت: ويؤيده قوله تعالى حكاية عن يعقوب: يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ [يوسف: ٨٧]- بالحاء -. على القراءة المشهورة، فإنه كان متوقعا لأن يأتيه الخبر بسلامة يوسف.

وقوله سبحانه: وَلَا تَجَسَّسُوا [الحجرات: ١٢]- بالجيم - فإن المنهي عنه البحث عن معائب الناس وأسرارهم التي لا يرضون بإفشائها واطلاع الغير عليها) (٢).

وقال بعضهم: (التحسس بالحاء أن تستمع الأخبار بنفسك, وبالجيم أن تتفحص عنها بغيرك) (٣).

وقال الترمذي الحكيم: (التحسس يعني بالحاء هو طلب أخباره والفتش عنه شفقة ونصحاً واحتياطاً فتطيب نفسه لطيب أخباره وحسن حاله أو ليرفده إن كان في أمره خلل بنصح واحتياط ومعونة والتجسس أن تفتش عن أخبار مغطية مكروهة أن تعلم بها فتستخرجها بفتشك لهتك الستور والكشف عن العورات والمساوئ) (٤).

وقال ابن حبيب: (بالحاء أن تسمع ما يقول أخوك فيك وبالجيم أن ترسل من يسأل لك عما يقال لك في أخيك من السوء) (٥).


(١) ذكره أبو هلال العسكري في ((الفروق اللغوية)) (ص ١١٨).
(٢) ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: ١١٧ – ١١٨).
(٣) ((تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين وتحذير السالكين من أفعال الهالكين)) لابن النحاس (ص: ٤٥).
(٤) ((تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين وتحذير السالكين من أفعال الهالكين)) لابن النحاس (ص: ٤٦).
(٥) ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) للعيني (٢٠/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>