للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقوال السلف والعلماء في ذم الحسد]

- قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: (كل الناس أستطيع أن أرضيه إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها) (١).

- وقال ابن سيرين: (ما حسدت أحدا على شيء من أمر الدنيا؛ لأنه إن كان من أهل الجنة فكيف أحسده على الدنيا وهي حقيرة في الجنة؟ وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على أمر الدنيا وهو يصير إلى النار؟) (٢).

- وقال الحسن البصري: (ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد، نفس دائم، وحزن لازم، وغم لا ينفد) (٣).

- وقال أبو حاتم: (الواجب على العاقل مجانبة الحسد على الأحوال كلها: فإن أهون خصال الحسد هو ترك الرضا بالقضاء، وإرادة ضد ما حكم الله جل وعلا لعباده، ثم انطواء الضمير على إرادة زوال النعم عن المسلم، والحاسد لا تهدأ روحه ولا يستريح بدنه إلا عند رؤية زوال النعمة عن أخيه، وهيهات أن يساعد القضاء ما للحساد في الأحشاء) (٤)، وقال كذلك: (الحسد من أخلاق اللئام، وتركه من أفعال الكرام، ولكل حريق مطفئ، ونار الحسد لا تطفأ) (٥).

- وقال أبو الليث السمرقندي: (يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود: أولاها: غم لا ينقطع. الثانية: مصيبة لا يؤجر عليها. الثالثة: مذمة لا يحمد عليها. الرابعة: سخط الرب. الخامسة: يغلق عنه باب التوفيق) (٦).

- وقال الجاحظ: (ومتى رأيت حاسدا يصوب إليك رأيا إن كنت مصيبا، أو يرشدك إلى صواب إن كنت مخطئا، أو أفصح لك بالخير في غيبته عنك، أو قصر من غيبته لك؟ فهو الكلب الكَلِب، والنمر النَّمِر، والسم القَشِب، والفحل القَطِم، والسيل العَرِم. إن ملك قتل وسبى، وإن ملك عصى وبغى. حياتك موته، وموتك عرسه وسروره. يصدق عليك كل شاهد زور، ويكذب فيك كل عدل مرضي. لا يحب من الناس إلا من يبغضك، ولا يبغض إلا من يحبك. عدوك بطانة وصديقك علانية ... أحسن ما تكون عنده حالا أقل ما تكون مالا، وأكثر ما تكون عيالا، وأعظم ما تكون ضلالا. وأفرح ما يكون بك أقرب ما تكون بالمصيبة عهدا، وأبعد ما تكون من الناس حمدا. فإذا كان الأمر على هذا فمجاورة الموتى، ومخالطة الزَّمنى، والاجتنان بالجدران، ومصر المصران، وأكل القردان، أهون من معاشرته والاتصال بحبله) (٧).

- وقال ابن عقيل: (افتقدت الأخلاق فإذا أشدها وبالا على صاحبها الحسد؛ فإنه التأذي بما يتجدد من نعمة الله، فكلما تلذذ المحسود بنعم الله تعالى تأذى الحاسد وتنغص، فهو ضد لفعل الله تعالى، ساخط بما قسمه، متمن زوال ما منحه خالقه، فمتى يطيب بهذا عيش ونعم تنثال انثيالا؟) (٨).

- وقال الجرجاني: (كم من فضيلة لو لم تستترها المحاسد لم تبرح في الصدور كامنة، ومنقبة لو لم تزعجها المنافسة لبقيت على حالها ساكنة! لكنها برزت فتناولتها ألسن الحسد تجلوها، وهي تظن أنها تمحوها، وتشهرها وهي تحاول أن تسترها؛ حتى عثر بها من يعرف حقها، واهتدى إليها من هو أولى بها، فظهرت على لسانه في أحسن معرض، واكتست من فضله أزين ملبس؛ فعادت بعد الخمول نابهة، وبعد الذبول ناضرة، وتمكنت من بر والدها فنوهت بذكره، وقدرت على قضاء حق صاحبها فرفعت من قدره وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ [البقرة: ٢١٦]) (٩).

- وقال ابن المعتز: (الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له، ويبخل بما لا يملكه، ويطلب ما لا يجده) (١٠).

- وقال ابن حزم: (إن ذوي التراكيب الخبيثة يبغضون لشدة الحسد كل من أحسن إليهم إذا رأوه في أعلى من أحوالهم) (١١).

- وقال الخطاب بن نمير السعدي: (الحاسد مجنون؛ لأنه يحسد الحسن والقبيح) (١٢).


(١) رواه الدينوري في ((المجالسة وجواهر العلم)) (٣/ ٥٠)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (٥٩/ ٢٠٠).
(٢) ((إحياء علوم الدين)) (٣/ ١٨٩).
(٣) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (٢/ ١٧٠).
(٤) ((روضة العقلاء)) (ص١٣٣).
(٥) ((روضة العقلاء)) (ص١٣٤).
(٦) ((المستطرف في كل فن مستظرف)) للأبشيهي (ص٢٢١).
(٧) ((الرسائل)) (٣/ ١٧ - ٢١) بتصرف.
(٨) ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (١/ ١٠٣).
(٩) ((الوساطة بين المتنبي وخصومه)) (ص١ - ٢).
(١٠) ((غرر الخصائص الواضحة)) للوطواط (ص٦٠٣).
(١١) ((الأخلاق والسير)) (ص٤٢).
(١٢) ((الرسائل للجاحظ)) (١/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>