للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أقسام الذل]

ينقسم الذل إلى محمود ومذموم:

- الذل المذموم:

وهو التذلل لغير الله على وجه الهوان والضعف والصغار والانكسار والذلة.

- الذل المحمود:

قال الراغب الأصفهاني: (الذل متى كان من جهة الإنسان نفسه لنفسه فمحمود، نحو قوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [المائدة: ٥٤]) (١).

- ويشمل الذل المحمود:

١ - الذل لله سبحانه وتعالى:

وهذا الذل عنوان العز والشرف والنصر في الدنيا والآخرة.

قال عمر بن عبد العزيز: (لا يتقي الله عبد حتى يجد طعم الذل) (٢).

وقال الذهبي: (من خصائص الإلهية، العبودية التي قامت على ساقين لا قوام لها بدونهما: غاية الحب مع غاية الذل هذا تمام العبودية، وتفاوت منازل الخلق فيها بحسب تفاوتهم في هذين الأصلين. فمن أعطى حبه وذله وخضوعه لغير الله فقد شبهه في خالص حقه) (٣).

٢ - الذل للمؤمنين:

وهو بمعنى التراحم والتواضع والعطف وليس بمعنى التذلل والانكسار على وجه الضعف والخور.

قال تعالى: ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة:٥٤].

قال ابن القيم: (لما كان الذل منهم ذل رحمة وعطف وشفقة وإخبات عداه بأداة على تضمينا لمعاني هذه الأفعال. فإنه لم يرد به ذل الهوان الذي صاحبه ذليل. وإنما هو ذل اللين والانقياد الذي صاحبه ذلول، فالمؤمن ذلول) (٤).

وقال الطبري: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، أرقَّاء عليهم، رحماءَ بهم ... ويعني بقوله: أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ، أشداء عليهم، غُلَظاء بهم) (٥).

وقال ابن كثير: (قوله تعالى: أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين هذه صفات المؤمنين الكمل أن يكون أحدهم متواضعا لأخيه ووليه، متعززا على خصمه وعدوه) (٦).

٣ - الذل للوالدين:

قال تعالى: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً [الإسراء:٢٤].

قال الطبري: (يقول تعالى ذكره: وكن لهما ذليلا رحمة منك بهما تطيعهما فيما أمراك به مما لم يكن لله معصية، ولا تخالفهما فيما أحبَّا) (٧).

وقال السعدي: (تواضع لهما ذلا لهما ورحمة واحتسابا للأجر لا لأجل الخوف منهما أو الرجاء لما لهما، ونحو ذلك من المقاصد التي لا يؤجر عليها العبد) (٨).


(١) [٣٥٩١])) ((المفردات في غريب القرآن)) للأصفهاني (ص: ٣٣٠).
(٢) [٣٥٩٢])) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لأبي حاتم الدارمي (١/ ٢٩).
(٣) [٣٥٩٣])) ((العرش)) للذهبي (١/ ١٢١).
(٤) [٣٥٩٤])) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (٢/ ٣١٠)
(٥) [٣٥٩٥])) ((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (١٠/ ٤٢١)
(٦) [٣٥٩٦])) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (٣/ ١٣٦).
(٧) [٣٥٩٧])) ((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (١٧/ ٤١٨)
(٨) [٣٥٩٨])) ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) للسعدي (١/ ٤٥٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>