للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أسباب الوقوع في سوء الظن]

١ - الجهل وسوء القصد والفهم:

فالجهل من الأسباب الذي يؤدي إلى سوء الظن بسبب عدم فهم حقيقة (ما يرى وما يقرأ ومرمى ذلك وعدم إدراك حكم الشرع الدقيق في هذه المواقف خصوصا إذا كانت المواقف غريبة، تحتاج إلى فقه دقيق ونظر بعيد يجعل صاحبه يبادر إلى سوء الظن والاتهام بالعيب والانتقاص من القدر فانظر إلى ذي الخويصرة الجهول لماذا أساء الظن بالرسول واتهمه بعدم الإخلاص؟ فقال اعدل يا محمد فما عدلت هذه قسمة ما أريد بها وجه الله لقد دفعه إلى الظن السيئ والفعل القبيح جهله وسطحية فهمه وقلة فقهه لمقاصد الشريعة ومصالح الدين الشرعية) (١).

٢ - اتباع الهوى وتعميم الأحكام على الناس:

قال الغزالي: (المسلم يستحق بإسلامه عليك أن لا تسيء الظن به فإن أسأت الظن به في عينه لأنك رأيت فسادا من غيره فقد جنيت عليه وأثمت به في الحال .. ويدل عليه أنا نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم في غزواتهم وأسفارهم كانوا ينزلون في القرى ولا يردون القرى ويدخلون البلاد ولا يحترزون من الأسواق وكان الحرام أيضا موجودا في زمانهم وما نقل عنهم سؤال إلا عن ريبة إذ كان صلى الله عليه وسلم لا يسأل عن كل ما يحمل إليه بل سأل في أول قدومه إلى المدينة عما يحمل إليه أصدقة أم هدية لأن قرينة الحال تدل وهو دخول المهاجرين المدينة وهم فقراء فغلب على الظن أن ما يحمل إليهم بطريق الصدقة) (٢).

٣ - مصاحبة أهل الفسق والفجور:

قال أبو حاتم البستي: (صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار ومن خادن الأشرار لم يسلم من الدخول في جملتهم، فالواجب على العاقل أن يجتنب أهل الريب لئلا يكون مريبا فكما أن صحبة الأخيار تورث الخير كذلك صحبة الأشرار تورث الشر) (٣).

٤ - التواجد في مواطن التهم والريب:

من أسباب إساءة الناس الظن بالمرء تواجده في أماكن الريب والفجور ولهذا قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: (من أقام نفسه مقام التهم فلا يلومن من أساء به الظن) (٤).

٥ - الحقد والحسد على المظنون به:

قال أبو طالب المكي: (سوء الظن ما ظننته من سوء رأيك فيه أو لأجل حقد في نفسك عليه، أو لسوء نية تكون أو خبث حال فيك، تعرفها من نفسك فتحمل حال أخيك عليها وتقيسه بك، فهذا هو سوء الظن والإثم) (٥).

٦ - الإسراف في الغيرة:

((إن من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يكره الله فالغيرة التي يحبها الله الغيرة في الريبة والغيرة التي يكرهها الله الغيرة في غير ريبة)) (٦).

قال الغزالي: (لأن ذلك من سوء الظن الذي نهينا عنه فإن بعض الظن إثم.

وقال علي رضي الله عنه: لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك) (٧).


(١) ((ظاهرة الغلو في الدين في العصر الحديث)) لمحمد عبد الحكيم (١/ ٢٠١ - ٢٠٢).
(٢) ((إحياء علوم الدين)) لأبي حامد الغزالي (٢/ ١١٩).
(٣) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لأبي حاتم البُستي (١/ ١٠٠).
(٤) رواه الخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (٤٤٥). وللأثر طرق أخرى كلها ضعيفة.
(٥) ((قوت القلوب)) لأبي طالب المكي (٢/ ٣٧١).
(٦) رواه أبو داود (٢٦٥٩)، والنسائي (٥/ ٧٨)، وأحمد (٥/ ٤٤٥) (٢٣٨٠١)، والدارمي (٢/ ٢٠٠) (٢٢٢٦)، والبيهقي (٧/ ٣٠٨) (١٥١٩٨). من حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (٢٥/ ١٠٨): إسناده جيد، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٣/ ٣٢٥)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
(٧) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (٢/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>