للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقوال السلف والعلماء في ذم الغش]

- قال ابن عباس رضي الله عنهما: (لا يزال الرّجل يزداد في صحّة رأيه ما نصح لمستشيره، فإذا غشّه سلبه الله نصحه ورأيه، ولا يلتفتنّ إلى من قال: إذا نصحت الرّجل فلم يقبل منك فتقرّب إلى الله بغشّه، فذلك قول ألقاه الشّيطان على لسانه، اللهمّ إلّا أن يريد بغشّه السّكوت عنه، فقد قيل: كثرة النّصيحة تورث الظّنّة، ومعرفة النّاصح من الغاشّ صعبة جدّا، فالإنسان- لمكره- يصعب الاطّلاع على سرّه، إذ هو قد يبدي خلاف ما يخفي، وليس كالحيوانات الّتي يمكن الاطّلاع على طبائعها) (١).

- (وكان جرير بن عبد الله إذا قام إلى السلعة يبيعها بصَّر عيوبها ثم خيره، وقال: إن شئت فخذ وإن شئت فاترك، فقيل له: إنك إذا فعلت مثل هذا لم ينفذ لك بيع، فقال إنا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم) (٢).

- (وكان واثلة بن الأسقع واقفاً؛ فباع رجل ناقة له بثلثمائة درهم فغفل واثلة وقد ذهب الرجل بالناقة؛ فسعى وراءه وجعل يصيح به: يا هذا أشتريتها للحم أو للظهر؟ فقال: بل للظهر، فقال: إن بخفها نقبا قد رأيته وإنها لا تتابع السير، فعاد فردها فنقصها البائع مائة درهم، وقال لواثلة رحمك الله أفسدت علي بيعي، فقال: إنا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل لأحد يبيع بيعاً إلا أن يبين آفته، ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا تبيينه) (٣).

- وقال ابن حجر الهيتمي: (ولهذه القبائح- أي الغش- التي ارتكبها التجار والمتسببون وأرباب الحرف والبضائع سلط الله عليهم الظلمة فأخذوا أموالهم، وهتكوا حريمهم، بل وسلط عليهم الكفار فأسروهم واستعبدوهم، وأذاقوهم العذاب والهوان ألواناً. وكثرة تسلط الكفار على المسلمين بالأسر والنهب، وأخذ الأموال والحريم، إنما حدث في هذه الأزمنة المتأخرة لما أن أحدث التجار وغيرهم قبائح ذلك الغش الكثيرة والمتنوعة، وعظائم تلك الجنايات والمخادعات والتحايلات الباطلة على أخذ أموال الناس بأي طريق قدروا عليها، لا يراقبون الله المطلع عليهم) (٤).

- وكان بعضهم يقول: (لا أشتري الويل من الله بحبة؛ فكان إذا أخذ نقص نصف حبة وإذا أعطى زاد حبة، وكان يقول: ويل لمن باع بحبة جنة عرضها السموات والأرض، وما أخسر من باع طوبى بويل) (٥).

- وقال المنصور: (لا تنفّروا أطراف النعم بقلة الشكر فتحلّ بكم النقمة. ولا تسرّوا غشّ الأئمة فإنّ أحداً لا يسرّ منكراً إلّا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه وطوالع نظره) (٦).

- (ونظر فضيل إلى ابنه وهو يغسل ديناراً يريد أن يصرفه ويزيل تكحيله وينقيه حتى لا يزيد وزنه بسبب ذلك؛ فقال يا بني: فعلك هذا أفضل من حجتين وعشرين عمرة) (٧).

- وباع ابن سيرين شاة فقال للمشتري: (أبرأ إليك من عيب فيها أنها تقلب العلف برجلها) (٨).


(١) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص٢١١)
(٢) رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى- متمم الصحابة)) (ص٨٠٣)، والطبراني في ((الكبير)) (٢/ ٣٥٩) (٢٥١٠).
(٣) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (٢/ ٧٦).
(٤) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) (١/ ٤٠٠).
(٥) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (٢/ ٧٧).
(٦) ((التذكرة الحمدونية)) لابن حمدون (ص٤٢٤).
(٧) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (٢/ ٧٧).
(٨) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (٢/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>