للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذم الغيبة والنهي عنها في القرآن والسنة]

ذم الغيبة والنهي عنها من الكتاب:

- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات:١٢].

قال الشوكاني: فهذا نهي قرآني عن الغيبة مع إيراد مثل لذلك يزيده شدة وتغليظاً، ويوقع في النفوس من الكراهة والاستقذار لما فيه ما لا يقادر قدره، فإن أكل لحم الإنسان من أعظم ما يستقذره بنو آدم جبلة وطبعاً، ولو كان كافراً أو عدواً مكافحاً، فكيف إذا كان أخاً في النسب أو في الدين؟ فإن الكراهة تتضاعف بذلك، ويزداد الاستقذار فكيف إذا كان ميتاً؟! فإن لحم ما يستطاب ويحل أكله يصير مستقذراً بالموت، لا يشتهيه الطبع، ولا تقبله النفس، وبهذا يعرف ما في هذه الآية من المبالغة في تحريم الغيبة، بعد النهي الصريح عن ذلك (١).

- وقال تعالى: وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ [الهمزة:١].

قال مقاتل بن سليمان: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ يعني الطعان المغتاب الذي إذا غاب عنه الرجل اغتابه من خلفه) (٢).

(وَقَالَ قَتَادَةُ: يَهْمِزُهُ وَيَلْمِزُهُ بِلِسَانِهِ وَعَيْنِهِ، وَيَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ، ويطعنُ عَلَيْهِمْ) (٣).

- وقال تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:٣٦].

قال الرازي: (الْقَفْوَ هُوَ الْبُهْتُ وَأَصْلُهُ مِنَ الْقَفَا، كَأَنَّهُ قَوْلٌ يُقَالُ خَلْفَهُ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْغِيبَةِ وَهُوَ ذِكْرُ الرَّجُلِ فِي غِيبَتِهِ بِمَا يَسُوءُهُ) (٤).

(وقيل: القَفْوُ: هو البهت، وأصله من القَفَا؛ كأنه يقال: خلفه، وهو في معنى الغيبة) (٥).

- قال تعالى: وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ [القصص: ٥٥].

ذم الغيبة والنهي عنها من السنة:

- عن ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنه قال: ((مَرَّ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلى قَبْرَيْنِ فَقَالَ إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَما يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ثمَّ قَالَ بَلى أما أحَدُهُمَا فَكانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ وَأمَّا الآخَرُ فَكانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ. قَالَ ثُمَّ أخَذَ عُودا رَطْبا فكَسَرَهُ باثْنَتَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَبْرٍ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا .. )) (٦).


(١) ((الفتح الرباني)) للشوكاني (١١/ ٥٥٦٧ - ٥٥٦٨).
(٢) ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (٤/ ٨٣٧).
(٣) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (٨/ ٤٨١).
(٤) ((مفاتيح الغيب)) للرازي (٢٠/ ٣٣٩).
(٥) ((اللباب في علوم الكتاب)) لأبي حفص الحنبلي (١٢/ ٢٨٢).
(٦) رواه البخاري (٦٠٥٢)، ومسلم (٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>