للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأسباب الدافعة للفحش والبذاءة]

١ - الخبث واللؤم:

الفساق وأهل الخبث واللؤم من عادتهم السب والكلام الفاحش والبذيء.

قال القرطبي: (والبذي اللسان يسمى سفيها، لأنه لا تكاد تتفق البذاءة إلا في جهال الناس وأصحاب العقول الخفيفة) (١).

وقال الراغب الأصفهاني: (البذاء: الكلام القبيح، ويكون من القوة الشهوية طورًا؛ كالرفث والسخف، ويكون من القوة الغضبية طورًا، فمتى كان معه استعانة بالقوة الفكرة يكون فيه السباب، ومتى كان من مجرد الغضب كان صوتًا مجردًا لا يفيد نطقًا، كما ترى كثيرًا ممن فار غضبه وهاج هائجه) (٢).

٢ - قصد الإيذاء:

ربما يكون سبب الكلام الفاحش والبذيء (لردة فعل من تصرف أو قول ضدك فتثور نفسك لتثأر لما سمعته من إيذاء أو قابلته من تصرف مشين. وقد قال صلى الله عليه وسلم لجابر بن سليم: ((وإن امرؤ شتمك أو عيرك بشيء يعلمه فيك فلا تعيره بشيء تعلمه فيه، ودعه يكون وباله عليه وأجره لك فلا تسبن شيئاً)) (٣).

وما أجمل اللجوء إلى الهدوء لمعالجة هذه القضايا بالتي هي أحسن وبالحكمة والموعظة الحسنة، وفي ذلك خزي للشيطان الذي يتربص بالإنسان المؤمن فإذا غضب المؤمن كانت فرصة الشيطان في غرس الشقاق وإذهاب المودة والمحبة بين الإخوان) (٤).

٣ - الاعتياد على مخالطة الفساق:

من خالط الفساق وأهل الخبث واللؤم يصبح مثلهم لأن من عادتهم السب والشتم والبذاءة (ولذا يجب على المسلم مجانبة أهل الباطل والفحش وأن يبحث عن أهل الخير ليخالطهم ويستمع إلى الكلمة الطيبة منهم لتصفو بها نفسه. لأن المؤمنين الأتقياء أصحاب الكلمة الطيبة الكريمة الفاضلة يجعلون كلامهم من وراء قلوبهم، يمحصون الكلمة فإن أرضت الله أمضوها على ألسنتهم وإلا استغفروا الله وصمتوا، فهم لا يتكلمون بالكلمة النابية ولا يلعنون ولا يسبون) (٥).

قال الشاعر:

فصاحب تقيا عالما تنتفع به ... فصحبة أهل الخير ترجى وتطلب

وإياك والفساق لا تصحبنهم ... فقربهم يعدي وهذا مجرب

فإنا رأينا المرء يسرق طبعه ... من الإلف ثم الشر للناس أغلب (٦) ...


(١) ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (٣/ ٣٨٦).
(٢) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص ٢٨٤).
(٣) رواه البخاري في ((الأدب المفرد)) (١١٨٢)، وابن حبان (٢/ ٢٧٩) (٥٢١)، والطيالسي (٢/ ٥٣٣). وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٩٨).
(٤) انظر ((آفات اللسان)) لإبراهيم المشوخي (١٠٨).
(٥) ((آفات اللسان)) لإبراهيم المشوخي (١٠٩).
(٦) ((غذاء الألباب)) للسفاريني (٣/ ١٢٢) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>