للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خامسا: دور الطبقية الوسطى في ظهور الليبرالية]

يعتبر " النظام الإقطاعي " الذي سيطر على أوروبا في العصور الوسطى من أقسى الأنظمة وأكثرها عنصرية وطبقية. وهو مكون من طبقتين إحداهما: السادة، (النبلاء والملوك)، وهم الطبقة السياسية، ورجال الدين (الاكليروس)، وهم الطبقة الدينية، والثانية: الفلاحون (الرقيق) وهم عامة الشعب .... ,

.... ومن عامة الشعب نشأت طبقة ثالثة ليست من النبلاء، ولا الرقيق، يعتمدون على التجارة والكسب من غير أن يكونوا رقيقا في الأرض. ويدخل في هذه الطبقة التجار، والمدرسون، والأطباء، والمهندسون، وأصحاب المهن الحرة. وقد عرفت هذه الطبقة بالطبقة الوسطى (البرجوازية).

وقد ضاق التجار وأصحاب رؤوس الأموال من القيود والانغلاق الذي يقف حائلا دون تنمية رؤوس أموالهم، وتوسيع طموحاتهم المادية، وقد كانت لهذه الطبقة الجديدة دور بالغ الأهمية في تأسيس مجتمع السوق القائم على المنافسة، كما كان لها أثر بالغ في التحولات الاجتماعية في أوروبا، والوقوف في وجه الإقطاع والكنيسة. وقد كان يعوز هذه الطبقة: " النظرية الفلسفية " التي تساعدهم في الخروج من قبضة الإقطاع والكنيسة، وقد وجدوا بغيتهم في " الليبرالية " التي تقوم على " الحرية الاقتصادية " ورفع العوائق عن آليات السوق، وترك حركته مرسلة دون تدخل أو رقابة ..... وبهذا نستطيع أن نقول إن الليبرالية هي فكر ومنهج الطبقة الوسطى، باعتبارها تقوم على أساس الفردية، وخاصة من خلال آراء " جون لوك " في الملكية الخاصة. وقد انتقلت الليبرالية من الفكر المجرد إلى الواقع العملي من خلال: الملكية الدستورية في إنجلترا (١٦٨٨م)، والثورة الأمريكية (١٧٧٥م)، والثورة الفرنسية (١٧٩٨م).

المصدر:حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها لسليمان الخراشي ص٣٥ - ٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>