للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثالث عشر: المصطلحات التي أطلقوها على أنفسهم أو أطلقت عليهم من غيرهم]

١ - الليبرالية: تدعو إلى الحرية المطلقة وعبادة الفرد نفسه وهواه وشهوته وقد عبر عنها منظروها في الحضارة الغربية سواء في فرنسا أو في بريطانيا بأنها التفلت المطلق وهي أيضا تدعو إلى الحرية المطلقة التي لا تعترف بدين ولا نص مقدس ولا عادات ولا تقاليد ولا أي أمر يعيق الحرية الفردية.٢ - العصرانية: إشارة لتطويعهم نصوص الشريعة وأحكامها لتتوافق مع مستجدات العصر دون اعتبار لقداسة النص والمرجعية الشرعية وهي الكتاب والسنة (١).٣ـ العقلانية: إشارة إلى تقديمهم وتقديسهم للعقل أو أنهم أهل عقل وحكمة ومن عداهم ليس لديه اهتمام بالعقل ويقصدون بذلك أصحاب الاتجاه السلفي تحديدا وتعاملوا مع العقل بالطريقة المنحرفة التي تعامل بها أهل البدعة عموما والمعتزلة على وجه الخصوص (٢).٤ـ التنوير: ظهر مصطلح التنوير ( ENLIGHTENMENT) في القرنين السادس عشر والسابع عشر في أوروبا تعبيرا عن الفكر الليبرالي البورجوازي ذي النزعة الإنسانية العقلية والعلمية والتجريبية ويتضمن هذا الفكر نزعة مادية واضحة بعد إقصاء اللاهوت وذلك بإحلال الطبيعة والعقل بدلا من الفكر الغيبي الثيولوجي والخرافي في تفسير ظواهر العالم ووضع قوانينه (٣).


(١) (([٩٦] وهو والد العلامة الشيخ أحمد شاكر.
(٢) (([٩٧] تحطيم الصنم العلماني لمحمد بن شاكر (ص١٤ - ١٥).
(٣) [٩٨]_ ومع ذلك فإن هذا الكتاب يلقى رواجاً عند من يقولون بآرائه، ويبعث ما بين الفينة والفينة. ولكنه ما إن يبعث إلا ويقيض الله من يدفع زيفه، أو يعيد طبع ما رُد به باطله. ومن أحسن الردود التي كشفت عوار ذلك الكتاب ما خطته يراعة العلامة الشيخ محمد الخضر حسين في كتابه ((نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم)) الذي أُعيدت طباعته مؤخراً بتحقيق ابن أخيه الأستاذ علي الرضا الحسيني. فلقد تناول هذا الكتاب نقض ما جاء في كتاب الإسلام وأصول الحكم مما يخالف المبادئ الإسلامية، ويحود عنها بطريقة تدل على رسوخ قدم الأستاذ السيد محمد الخضر في العلوم الإسلامية والعربية، وتضلعه منها تضلعاً يجعله في صفوف كبار العلماء الباحثين الذين يعرفون كيف يصلون بالقارئ إلى الحق الناصع في رفق وسهولة، دون أن يرهقوا ذهنه، أو يحرجوا صدره. فأدلة ناصعة، ولغة بينة، وقصد في التعبير من غير غموض أو إبهام، وأدب صريح، وخلق متين يدل على أن صاحبه ممن تأدبوا بالأدب الإسلامي، وتشبعوا به، وفهموا معنى قوله - تعالى -: وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن، ثم حسن ترتيب وتنسيق في المناقشة وسوق الأدلة. لا يدع في نفس القارئ مجالاً للشك، ولا يترك شبهة تتردد في صدره دون أن يقضي عليها قضاءاً نهائياً. كل ذلك في تواضع العالم الصادق النظر، النزيه الغرض، الذي لا يقصد من بحثه وجدله إلا إحقاق الحق وإزهاق الباطل .. انظر مجلة (المكتبة) شهرية أدبية تبحث عن المؤلفات وقيمتها العلمية الجزء الثاني من السنة الثانية الصادر في رمضان ١٣٤٤هـ. وخير تقديم، وتقريظ للكتاب أن يقدم ويقرظ نفسه بنفسه. وكتابة الشيخ محمد الخضر حسين مرآة لقلم بليغ، ونفس طاهرة، وعقل حصيف، وكتاباته جوامع الكلم، وحكم بالغات صيغت باللفظ العذب، والسبك الجيد، إذا تُليت على الأسماع ركنت إليها النفوس لطهارتها وصدقها، وإذا قرأها القارئ عاش في روضة علمية ساحرة. إن الشيخ محمد الخضر حسين عالم جليل يغرف العلم من بحر لا ساحل له. ويُعَدُّ كتاب (نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم) أهم المراجع للرد على كتاب علي عبدالرازق .. وإذا فرح الضالون المضلون بكتاب (الشيخ القاضي الشرعي) فقد فرح المؤمنون الصادقون بكتاب الإمام الصالح، وشتان بين الضلال والهدى، وبين الشر والخير. وإليك مقدمة ذلك الكتاب، تلك المقدمة التي تُبين عن شيء من مكنونات الكتاب ونفائسه. قال الشيخ محمد الخضر حسين - رحمه الله -: أحمد الله على الهداية، وأسأله التوفيق في البداية والنهاية، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد المبعوث بأكمل دين وأحكم سياسة، وعلى آله وصحبه، وكل من حرس شريعته بالحجة أو الحسام، وأحسن الحراسة. وقع في يدي كتاب (الإسلام وأصول الحكم) للشيخ علي عبدالرازق، فأخذت أقرؤه قراءة من يتغاضى عن صغائر الهفوات، ويدرأ تزييف الأقوال بالشبهات. وكنت أمر في صحائفه الأولى على كلمات ترمز إلى غير هدى، فأقول: إن في اللغة كنايةً ومجازاً، ومعميات وألغازاً، ولعلها شغفته حباً حتى تخطَّى بها المقامات الأدبية إلى المباحث العلمية. وما نشبت أن جعلت المعاني الجامحة عن سواء السبيل تبرح عن خفاء، وتناديها قوانين المنطق فلا تعبأ بالنداء. وكنت - بالرغم من كثرة بوارحها - أُصبِّر نفسي على حسن الظن بمصنِّفها، وأرجو أن يكون الغرض الذي جاهد في سبيله عشر سنين حكمة بالغة، وإن خانه النظر فأخطأ مقدماتها الصادقة. وما برحت أنتقل من حقيقة وضاءة ينكرها، وهي أشبه بمقدماته من الماء بالماء، أو الغراب بالغراب. فوَّق المؤلف سهامه في هذا الكتاب إلى أغراض شتى، والتوى به البحث من غرض إلى آخر، حتى جحد الخلافة وأنكر حقيقتها، وتخطى هذا الحد إلى الخوض في صلة الحكومة بالإسلام. وبعد أن ألقى حبالاً وعصياً من التشكيك والمغالطات _ زعم أن النبي - عليه السلام - ما كان يدعو إلى دولة سياسية، وأن القضاء وغيره من وظائف الحكم ومراكز الدولة ليست من الدين في شيء، وإنما هي خطط سياسية صرفة لا شأن للدين بها، ومسَّ في غضون البحث أصولاً لو صدق عليها ظنه لأصبحت النفوس المطمئنة بحكمة الإسلام وآدابه مزلزلة العقيدة مضطربة العنان. كنا نسمع بعض مزاعم الكتاب من طائفة لم يتفقهوا في الدين، ولم يحكموا مذاهب السياسة خبرة، فلا نقيم لها وزناً، ولا نحرك لمناقشتها قلماً، إذ يكفي في ردها على عقبها صدورها من نفر يرون الحطَّ في الأهواء حرية، والركض وراء كل جديد كياسة. كنا نسمع هذه المزاعم فلا نزيد أن نعرض عمَّن يلغطون بها حتى يخوضوا في حديث غيره. أما اليوم وقد سرت عدواها إلى قلم رجل ينتمي للأزهر الشريف، ويتبوَّأ في المحاكم الشرعية مقعداً _ فلا جرم أن نسوقها إلى مشهد الأنظار المستقلة، ونضعها بين يدي الحجة، وللحجة قضاء لا يستأخر، وسلطان لا يحابي، ولا يستكين. لا أقصد في هذه الصحف إلى أن أعجم الكتاب جملة، وأغمز كل ما ألاقيه فيه من عوج، فإن كثيراً من آرائه تحدثك عن نفسِها اليقينَ، ثم تضع عنقها في يدك دون أن تعتصم بسند، أو تستتر بشبهة. وإنما أقصد إلى مناقشته في بعض آراء يتبرأ منها الدين الحنيف، وأخرى يتذمر عليه من أجلها التاريخ الصحيح. ومتى أميط اللثام عن وجه الصواب في هذه المباحث الدينية التاريخية - بقي الكتاب ألفاظاً لا تعبر عن معنى، ومقدمات لا تتصل بنتيجة. والكتاب مرتب على ثلاثة كتب، وكل كتاب يحتوي على ثلاثة أبواب، وموضوع الكتاب الأول: الخلافة والإسلام، وموضوع الكتاب الثاني: الحكومة والإسلام، وموضوع الكتاب الثالث: الخلافة والحكومة في التاريخ. وطريقتنا في النقد أن نضع في صدر كل باب ملخص ما تناوله المؤلف من أمهات المباحث، ثم نعود إلى ما نراه مستحقاً للمناقشة من دعوى أو شبهة، فنحكي ألفاظه بعينها، ونتبعها بما يزيح لبسها، أو يحل لغزها، أو يجتثها من منبتها. وتخيَّرنا هذا الأسلوب لتكون هذه الصحف قائمة بنفسها، ويسهل على القارئ تحقيق البحث، وفهم ما تدور عليه المناقشة، ولو لم تكن بين يديه نسخة من هذا الكتاب المطروح على بساط النقد والمناظرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>