للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعلم الأول: الموقف من النص الشرعي]

من المسلمات الشرعية أن النص الشرعي هو المرجع وهو الحاكم في حياة المسلمين والعقل مصدر تابع له.

وقد تباينت مواقف هذه المدرسة المنحرفة التي تخالف أصول الإسلام من هذه القضية الكبرى وهي مرجعية الشريعة وتعظيم النصوص الشرعية فحصل منهم تعد وتهوين من شأن النصوص الشرعية لأنها هي العائق الكبير أمام ما يطرحونه من أمور تخالف الشرع صراحة فعمدوا إلى موقف سيئ من النصوص الشرعية يتجلى في القضايا الآتية:

١ـ تقديس العقل في مقابل التهوين من شأن النصوص:

وقبل الحديث عن موقفهم من النص الشرعي وتقديمهم العقل عليه لا بد من تجلية موقف الإسلام من العقل وأهل السنة تحديدًا وأنهم هم أهل العقل والحكمة وليس كما يصمهم خصومهم بأنهم حرفيون ونصيّون وعبدة نصوص وجامدون وغيرها من الألقاب التي ـ إن شاء الله ـ لن تغير من الواقع والحقيقة شيئا فنقول:

أولا: صور تكريم الإسلام للعقل:

١ـ إشادة القرآن الكريم وثناؤه على من استعمل عقله وذمه لمن عطله. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: " .. مدح الله العلم والعقل والفقه ونحو ذلك في غير موضع وذم ذلك في مواضع (١).، وفي كتاب الله آيات كثيرة تثني على من أعمل عقله واستعمله فيما خلق له كما في مثل قوله تعالى وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ [العنكبوت: ٤٣] وفي مثل قوله تعالى يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ [البقرة:٢٦٩]

٢ـ جعل الإسلام للعقل حدودا لا يتعداها:

من المسَّلم به لدى العقلاء أن العقل البشري هو كغيره من أعضاء الإنسان له طاقة محدودة واختصاص معين ومن الخطأ والعبث أن يطالب بما فوق طاقته وأن يطالب كذلك بما هو خارج عن اختصاصه فإذا حمل فوق طاقته كان نصيبه العجز والهلاك وإذا استعمل خارج نطاق اختصاصه حاد عن الصواب وكان نصيبه التخبط والانحراف. يقول السفاريني ـ رحمه الله ـ: " فإن تسليط الفكر على ما هو خارج عن حده تعب بلا فائدة ونصب من غير عائدة وطمع في غير مطمع وكد في غير منجع" (٢) ....

٣ـ العقل أحد الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها:

جاءت الشريعة بحفظ العقل؛ لأنه أحد الضروريات الخمس التي لا بد منها لقيام مصالح الدين والدينا وقد حفظت الشريعة جانب العقل من ناحيتين: الناحية الأولى: من جانب الوجود؛ وذلك بفعل ما به قيام العقل وثباته ولما كان العلم النافع يزيد من قوة إدراك العقل ويزيد من عمق تفكيره جعل منه الإسلام ما يجب تعليمه على كل مكلف سواء كان ذكرا أو أنثى وهذا العلم منه ما هو فرض عين لا يعذر أحد بجهله ومنه ما يكون فرض كفاية (٣).


(١) انظر توضيح ذلك بالأمثلة: ((المصادر العامة للتلقي عند الصوفية)) (ص٦٢) وما بعدها.
(٢) انظر: ((التنبيه والرد)) (ص ٧٣).
(٣) ((من العقيدة إلى الثورة)) (٢/ ٦٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>