للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثالث عشر: آثار الحداثة في العالم الإسلامي]

الأثر الأول: إشاعة الفوضى العقدية والثقافية في العالم الإسلامي بين كثير من القارئين لأن الصحف والمجلات والكتب التي تخاطب الشباب كثير منها منطلقاته حداثية ثائرة على العقيدة القويمة وبخاصة أن تلك المقالات الحداثية تدغدغ عواطف الشباب وأدعياء الثقافة والمبتدئين بعباراتها " الأدبية" و" الإبداعية" المبطنة بتمرد على المعتقد الصحيح والقيم النبيلة ..... ,

الأثر الثاني: إيجاد طبقة معزولة عن المجتمع سياسيا وعقديا فالنظام المطبق في البلاد لا يعجبها بل ـ كما هو المنهج الحداثي ـ ترى ضرورة رفضه والثورة عليه.

والعقيدة الموروثة والشريعة المألوفة لا تخضع لها ولا ترضى بها بل لابد من التمرد عليها وتخطيها.

والواقع كله رجعي متخلف في سياسته وعقيدته وأخلاقه وأعرافه يجب تجاوزه بعد تهديمه ...... ,

الأثر الثالث: انخداع بعض المنتسبين للدعوة الإسلامية من العقلانيين وأمثالهم ببعض دعاوى الحداثة المتمردة على النصوص الشرعية والالتزام بها وتقديمها على الأهواء وآراء العقول. ولا شك أن للحداثيين إفادة عظمى من العقلانيين المنتمين للإسلام. (١) ..... ,

الأثر الرابع: الجرأة على نقد السلطات الحاكمة في العالم الإسلامي والقدح في حكام المسلمين وبخاصة من يحكم شيئا من الإسلام.

الأثر الخامس: ومن آثار الحداثة تجرؤ بعض النساء على الأحكام الشرعية بنقدها والخروج عليها وحجتهن في ذلك أقوال الحداثيين وشبههم.

فأصبحنا نقرأ ونسمع من ينادين برفض الحجاب لأنه رمز العهود المظلمة والعصور الوسطى ويطالبن بالحرية والاختلاط لأنهما علامة التقدم والتحضر وأن الفكر الحديث يوجب التمرد على العادات والتقاليد القديمة المورثة عن أصحاب الكتب الصفراء ...... ,

الأثر السادس: ومن آثار الحداثة إعلان شأن الفرق الباطنية، والفلسفية والصوفية، والمعطلة على اختلاف مذاهبها وذلك لأن الحداثيين يبذلون وسعهم في دراسة تاريخ المسلمين وإبراز تلك الفرق والفلسفات المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة وإعلان شأنها بوصفها ظواهر " حداثية" تمردت على الموروث والسائد والمألوف، في العقيدة والشريعة ...... ,

الأثر السابع: ومن آثار الحداثة تغلغل كثير من الحداثيين في وسائل التربية والتعليم والإعلام في العالم الإسلامي وبالتالي يوجهون الناس حسب مناهجهم الحداثية وأفكارهم.

ومن ثم يبعدون رأي كل ناقد لهم وبخاصة من العلماء وطلبة العلم من أصحاب الفكر القويم والعقيدة السليمة وإن أحرجوا فتحوا بابا ضيقا لبعض الفتاوى والمقالات القصيرة التي لا تنقدهم وفي أيام محددة أيضا هذا ما قد يوجد في بعض الوسائل وهناك من لا يسمح للصوت الإسلامي أبدا ...... ,

الأثر الثامن: برزت في الصحف والمجلات واللقاءات، الكلمات العامية والأجنبية والألفاظ الموغلة في الرمزية والغموض وكثر الخوض فيها وبالتالي تجرأ الناس على اللغة العربية فأصبحنا نقرأ ونسمع من يطالب بتغيير قواعدها ... إلخ.

الأثر التاسع: ومن آثار انتشار المفاهيم الحداثية في العالم الإسلامي أن الحداثة أصبحت ثوبا يتستر به كل قادح في الدين وبخاصة أصحاب الاتجاهات المشبوهة والمنتمين إلى الأحزاب الكافرة كالماركسية، والعلمانية والبعثية والاتجاهات الباطنية ونحو ذلك.

وبخاصة في الدول التي لا يستطيعون فيها التصريح بمذاهبهم وأحزابهم الكافرة أو المخالفة لسياسة تلك الدول فيلجأون إلى الحداثة شعارا يتسترون خلفه.

وعلى سبيل المثال فإن كثيرا من الحداثيين ينتمون إلى الفكر الماركسي ولبعضهم انتماءات حزبية على مستوى كبير إلا أنهم لا يصرحون بهذا إلا لخاصتهم أما أمام الناس فإنهم يعلنون الحداثة التي تتفق في كثير من مبادئها مع الماركسية.

حتى أصبح الانتساب إلى الحداثة أسهل طريق لنقد مصادر الدين وما صدر عنها باسم التحديث أو التجديد أحيانا.

المصدر:الحداثة في العالم العربي دراسة عقدية لمحمد بن عبد العزيز العلي- ٣/ ١٥٤٦


(١) ([٣٢٠]) ((انظر كواشف زيوف)) (٣٥٩ - ٣٦٠)، و ((المذاهب المعاصرة)) (٢٢١ - ٢٢٣)، و ((مذاهب معاصرة)) (ص٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>