للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رابعا: الأهداف الأولى للحركة الواقعية]

شغل الواقعيون الأوائل أنفسهم من خلال رواياتهم التي انتزعت مكان الصدارة من الشعر الرومانسي بنقد ومناقشة أحوال الفرد والمجتمع، وهذا ليس انحرافاً – بالطبع – بل هو أمر مطلوب، ولكن الانحراف جاء من جهة الموقف الذي اتخذه أولئك من الدين والأخلاق والتقاليد أثناء تصويرهم للمشاكل الإنسانية الواقعية – هذا إذا سلمنا أن هدفهم هو تصوير المشكلة وعرضها وليس شيئا في أنفسهم يريدون تقديمه من خلال ذلك التصوير وهذا الموقف الذي يضعنا على أول الطريق إلى الوثنية المعاصرة – تركز في قضيتين متقاربتين:-

الأولى – الثورة على التقاليد الإقطاعية والمسيحية: وذلك قد لا يعدو في الحقيقة أن يكون جزءا من الثورة على طغيان الكنيسة وظلم الإقطاع يتخذ مظهراً مغايراً ........ ،. الثانية – الهجوم المباشر على حقائق الدين: منذ بدء حركة النهضة نجد روح الكراهية للدين من قبل الأدباء والفنانين واضحة في إنتاجهم الشعري والفني، إلا أن هذه الروح كانت تعبر عن نفسها من خلال الهجوم على رجال الدين وفى التقليل تجرأت على الهجوم المباشر على حقائقه، من ذلك ما رأينا في كوميديا دانتي وما سبق من قول رابليه، وكذلك هناك مسرحيتا موليير "المتزمت" و "طرطوف" والأخيرة تصور نفاق رجل الدين وجشعه (١) ومثلها قصة "صاحب الطاحون" لشوسر، يقول مؤلف "قصة الفكر الغربى": " يرد كثيراً في الأدب الشعبي الوسيط ذكر القسيس الجشع والقسيس الفاسق والقسيس المغرور الذي تشغله أمور الدنيا، وكذلك لا يعطينا شوسر صورة طيبة عن رجال الدين .. ومع ذلك فلم يكن في كل هذا إلا قليل من المرارة وإنما كان يرمي إلى إنزال القسيس إلى المستوى البشرى العام ولم يقصد إلى تحدى بناء المسيحية الفلسفي والديني أي نظرتها الشاملة إلى الكون كما قصد إلى تحديها في أيام فولتير وتوم بين " (٢)

المصدر:العلمانية لسفر الحوالي ص٤٦٨ - ٤٧١


(١) ([٣٢٦]) ((كواشف زيوف)) (٣٦٨ - ٣٦٩).
(٢) [٣٢٧])) انظر ((نبذة في العقيدة الإسلامية)) للشيخ محمد بن عثيمين (١٣ - ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>