للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما وجود القدرة للكائنات الحية على التكيف مع الظروف التي تحيط بها فإن العلم والدين يثبتان ذلك ويرجعان السبب إلى قوة مدبرة رحيمة هي قوة الله تعالى وقدرته ورحمته فإن تلك القدرة على التكيف إنما هي رحمة من الله تعالى لبقاء ذلك الكائن حيا منتفعا بذلك التكيف على مقاومة انقراضه إلى الوقت الذي يشاء له موجد تلك القدرة فأي دليل للملاحدة في هذا على عدم وجود الله تعالى الخالق لهذه الكائنات والموجد لها هذه القدرة على التكيف في معيشتها أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: ٤٦].

٣ - قانون العلة أو المعلول أو التفسير الميكانيكي للكون من المسلم به عند العقلاء وكل المؤمنين بالله تعالى أن الله تعالى يوجد الأشياء عند وجود أسبابها في أغلب الأمور إلا إذا أراد عدم وجود تلك الأسباب وحينما اكتشف علماء القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أن الكون يسيره قانون العلة والمعلول طار الفرح بمفكري الملاحدة وظنوا أنهم وجدوا ضالتهم المنشودة في التدليل على عدم وجود الله تعالى لأن كل الأشياء ناتجة عن علة ومعلول فلا ضرورة حينئذ إلى القول بوجود إله موجد لأن جميع ما يجري في هذا الكون إنما يحدث بسبب علل مادية دون تدخل خارجي غير وجود العلة والمعلول التي تغني عن القول بوجود الله عز وجل وهو ما يسميه بعض الباحثين " التفسير الميكانيكي للكون " ومن الطريف أن العلماء الذين اكتشفوا هذا القانون لم يزعموا أنه بديل عن الله تعالى بل صرحوا بأنه سنة الله في الخلق أن تجري الأمور بواسطة أسباب وعلل فقد قال "نيوتن" "هذا هو أسلوب الله في العمل، فالله يجري مشيئته في الكون بواسطة أسباب وعلل" (١).


(١) انظر: ((الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام)) للعقاد (٢٤ - ٢٥ ,٢٨ - ٦٧)، و ((المذاهب المعاصرة)) (١٨٥ - ١٩١)، و ((الكيد الأحمر)) (٧٤ - ٧٥)، و ((الموسوعة الميسرة)) (٣٠٩ - ٣١٠)، و ((الشيوعية وموقف القرآن الكريم منها)) د. عبدالباقي أحمد عطا الله (٤١ - ٤٩)، و ((أيها الشيوعيون هؤلاء قواد ثورتكم)) لمحمد الصوياني.

<<  <  ج: ص:  >  >>