للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: [كان] (١) الواجب أن يعيد العامل فى العطف.

قلت: لا نسلم وجوبه، فقد جوزه جماعة منهم ابن مالك، وقد قال تعالى: بِهِ وَالْأَرْحامَ [النساء: ٢]، وحكى سيبويه «ما فيها غيره وفرسه» (٢).

ثم كمل فقال:

ص:

وقبل ساكن أمل للرّا (صفا) ... (ف) ى وكغيره الجميع وقفا

ش: (قبل ساكن) حال من مفعول (أمل)، وهو الراء (٣)، ولامها زائدة (٤)، و (صفا)


(١) سقط فى د.
(٢) اعلم أن الجمهور على نصب ميم وَالْأَرْحامَ وفيه وجهان:
أحدهما: أنه عطف على لفظ الجلالة، أى: واتقوا الأرحام، أى: لا تقطعوها. وقدر بعضهم مضافا، أى: قطع الأرحام، ويقال: إن هذا فى الحقيقة من عطف الخاص على العام، وذلك أن معنى اتقوا الله: اتقوا مخالفته، وقطع الأرحام مندرج فيها.
والثانى: أنه معطوف على محل المجرور فى «به» نحو: مررت بزيد وعمرا؛ لما لم يشركه فى الإتباع على اللفظ تبعه على الموضع. ويؤيد هذا قراءة عبد الله: وبالأرحام. وقال أبو البقاء:
«تعظمونه والأرحام؛ لأن الحلف به تعظيم له».
وقرأ حمزة: والأرحام بالجر، وفيها قولان:
أحدهما: أنه عطف على الضمير المجرور فى «به» من غير إعادة الجار، وهذا لا يجيزه البصريون.
وقد طعن جماعة على هذه القراءة كالزجاج وغيره، حتى يحكى عن الفراء الذى مذهبه جواز ذلك أنه قال: «حدثنى شريك بن عبد الله عن الأعمش عن إبراهيم قال: وَالْأَرْحامَ- بخفض الْأَرْحامَ- هو كقولهم: «أسألك بالله والرحم» قال: وهذا قبيح؛ لأن العرب لا ترد مخفوضا على مخفوض قد كنى عنه».
والثانى: أنه ليس معطوفا على الضمير المجرور، بل الواو للقسم وهو خفض بحرف القسم مقسم به، وجواب القسم: «إن الله كان عليكم رقيبا». وضعف هذا بوجهين:
أحدهما: أن قراءتى النصب وإظهار حرف الجر فى «بالأرحام» يمنعان من ذلك، والأصل توافق القراءات.
والثانى: أنه نهى أن يحلف بغير الله تعالى والأحاديث مصرحة بذلك.
وقدر بعضهم مضافا فرارا من ذلك فقال: تقديره: ورب الأرحام، قال أبو البقاء: «وهذا قد أغنى عنه ما قبله» يعنى الحلف بالله تعالى. ولقائل أن يقول: «إن لله تعالى أن يقسم بما شاء كما أقسم بمخلوقاته كالشمس والنجم والليل، وإن كنا نحن منهيين عن ذلك»، إلا أن المقصود من حيث المعنى ليس على القسم فالأولى حمل هذه القراءة على العطف على الضمير، ولا التفات إلى طعن من طعن فيها، وحمزة بالرتبة السنية المانعة له من نقل قراءة ضعيفة.
وقرأ عبد الله أيضا: وَالْأَرْحامَ رفعا وهو على الابتداء، والخبر محذوف فقدره ابن عطية:
«أهل أن توصل»، وقدره الزمخشرى: «والأرحام مما يتقى، أو مما يتساءل به»، وهذا أحسن:
للدلالة اللفظية والمعنوية، بخلاف الأول؛ فإنه للدلالة المعنوية فقط، وقدره أبو البقاء:
«والأرحام محترمة» أى: واجب حرمتها. ينظر: الدر المصون (٢/ ٢٩٦ - ٢٩٧).
(٣) فى م: الهمزة.
(٤) فى م: تعليلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>