للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


الصفحة ٧
ــ
ـ[عمود:١]ـ
((فضح التظاهر بالود المزعوم))
جاءنا من الأخ الشيخ صاحب الإمضاء ما يلي:
قد كتبنا على أنفسنا أن لا نخوض في المسائل الجزئية العارضة لبعض الكتاب الجزائريين من زواويين وغيرهم لتدعيم كل من جنح إليه فكره وتحققت فيه ظنا مصلحته غير مبالين بالتقولات اللاصقة بهم, والتعاريض التي يوجهونها نحو إخوانهم المسلمين الجزائريين, لتحصيل أغراضهم المنشودة كيفما كانت.
إلى أن قرأنا في بعض الأعداد من ((السنة)) لكوني من قرائها تنبيها لأهل زواوة على ما ينسبه إليهم ((البلاغ الجزائري)) من الجهل والجنوح عن الطريق السوي والارتداد, لولا توسط أستاذه العليوي بين ظهرانيهم, الأمر الذي يكاد يجعل الزواوي حيثما حل عرضة للتنقيص والحط من كرامته ونقله من حالة إلى أخرى, مجبورا مغلوبا على عقله, لا اختيار ولا تملك له في نفسه, لداعي الجهل والبله الملصقين به ضمنا من كلام كاتب البلاغ, فرأيت أن لا بد لي من إبداء بعض الحقائق تنبيها لإخواننا الزواويين إلى ما يقصده لهم المغرضون المتسترون بإلقاء مأربهم من التفتين واللعب بسمعتهم والحط من كرامتهم في قالب النصح والأخوة, حيث يعرضون بجهلهم وقلة إدراكهم, ويتبعون
ما تمليه عليهم من الكذب والحقائق الفارغة المجوفة خيالاتهم اغترارا بالشواذ الواقعين في شباك حيلهم وفخاخهم, متجاهلين قيمة الزواوي العتيقة الذائعة الصيت, بما له من العفة والنزاهة, والصدق في المعاملة وتوقد القريحة, والإدراك المطابق لما تصبو إليه نفسه من العلوم والمعارف التي أورثها سلفهم للخلف حتى أدى به ذلك إلى حد إعجاز المعارض عن معارضته فيما يدعيه من ذلك, لقيام الشواهد والدلائل القطعية عليه, قولية وفعلية, فترى بعض المؤرخين يوجه

ـ[عمود٢]ـ
تسمية زواوة بهذا الاسم الذي ينسب إليها الزواوي بكثرة زواياها التي هي عبارة عن مدارس علمية ومعاهد قرآنية, ومآوى إطعام الفقراء والمساكين لا كما زعم الجهال الأفاكون, كما صرح بذلك كله في دائرة المعارف للبستاني, منوها بشأنها وعلو كعبها في مضمار المسابقة إلى الفضيلة, لا سيما الأربعة منها المفردة بالذكر زاوية سيدي عبد الرحمان البلولي سيدي أحمد بن إدريس سيدي موسى تنبدار أبي علي الشريف, وفيما ذكره لهذه الأخيرة من المآثر الحسنة علما وعملا وأخلاقا ما يلقم الماكرين في الحق المعاندين في المعلوم تواترا حجرا سخينا.
ولما أتى هذا الحين على أهل زوايا زواوة، أعني حين كثرت المشاغبة والخلاف والجدال في الواضح وضوح شمس في رابعة النهار, لإظهار الباطل على الحق, وكسوه بالأكسية البراقة المموهة كون هذه الدعاوي الباطلة الصادرة عن أربابها المغرضين هي الحقائق الناصعة, المورثة عن الواحد الأحد بواسطة عمدتنا العظمى نبي الأمة صلى الله عليه وسلم مع أنها لعمر الحق لدعاوي خالية عن الإخلاص فيها نحو الدين الإسلامي والعواطف الإنسانية بالمرة, بل ما فيها إلا إخلاص نحو النفس والعشيرة الموافقة مبدأ وغاية, وإن خالفت وأغضبت رب البرية.
تصامموا عن سماع تلك المفتريات والاختلاقات الناشئة عن قلب سقيم عليل, يريد أن يشتفي بها وينال بها غرضه عند من تتمشى عليهم حيله وينخدعون بسرابه الكذوب, لما يجده من مرض الحسد والبغضاء لأولئك السادات المعتلين منصة العز والفخار بما منحهم الله من فضله, حيث بصرهم بواجبهم فبدءوا قبل كل شيء بجهاد أنفسهم جهادا

ـ[عمود٣]ـ
أكبر, حتى ذللوها لإيقافها على خدمة الأمة ونفعها بكل وسيلة ممكنة, توصلا إلى مرضاة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وانخراطا في سلك الذين انعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين.
فحسب الذين في قلوبهم مرض أن ذلك لا لشيء منهم عن جهل, أو جبن, فطفقوا يرمونهم بالسنة حداد, تارة بالتصريح, وتارة بالتلويح, وأخرى بالتعريض بهم, بذكر مطلق زواوي ولم يدرك أولئك المغرورون أن تصاممهم وسكوتهم عن مفترياتهم كان ترفعا وتباعدا عن أن يبارزوهم في ميدان تلك المخازي التي يأتون بها, لإلصاقها بهم افتراء وبهتانا صرفا لأنظار العوام عن قبائحهم ومثالبهم, ليظهروا بثوب العفة والتدين والإصلاح لهم, حتى ينخدعوا لتمويهاتهم الضالة المضلة, فما كان أجدرهم بانطباق أضدادها عليهم تمام الانطباق.
إذ كيف لا وقد أرسلوا شهوبهم ترد بهم موارد المقت والغضب الإلهي بإطلاق عنان أقلامهم وألسنتهم في الإيقاع في أحساب الأبرياء وثلب أعراض إخوانهم المؤمنين المسلمين الجزائريين غير مكترثين بوعيد قوله تعالى: (((إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة))) بكل ما أوتوه من وقاحة وقوة في المراوغة واستدراج في أكل لحوم إخوانهم المؤمنين بدون علم واطلاع على الحقائق الواقعية حتى أدى بهم ذلك إلى رميهم بالسفه والتفسيق والتحاكم إلى الله والملائكة والناس أجمعين, فبان بذلك خزيهم وانحرافهم عن الجادة, ولكنهم ذهبوا في التأويل إلى حيث ما لا نهاية ولا ثمرة له, تسترا مما قد يلحقهم من العار المنبوش لهم بمعاول من حديد ((ألصقه الله بأظهرهم)) بل قصروا عليهم أنفسهم وحدهم وعلى متبعيهم السلم والإيمان الصحيح, وعلى غيرهم الجهل والابتداع القبيح, متناسين قوله تعالى: (((وما أوتيتم من العلم إلا قليلا))).
الزواوي ابن أبي يعلى المدرس بزاوية سيدي سمعون آل غليبتم

<<  <  ج: ص:  >  >>