للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو أن نتعمق معه في جدل يشغلنا عن المفيد بغير المفيد، ويستفرغ جهدنا في المفروع منه، وإننا نقولها مرة أخرى في صراحة وصدق: إننا لا نعني بما نقول ذلك الرجل المدعو محمد العاصمي الذي شب في (قصير الحيران)، واكتهل معلمًا للصبيان، وشاب خادمًا لقاض في ديوان، وماشانا في بعض أطواره، وصاحبنا- على حرف- في بعض أطوراه وكان حذرًا منا في جميع أطواره، لغرابة أدواره، وبعد أغواره، وغموض أسراره، فكل ما في ذلك الرجل لا يعنينا، لأنه رجل مات، وحال فات، وإنما يعنينا هذا الشيء المسمى محمد العاصمي المفتي الحنفي، الذي وسع الشق، بتنكره للحق، والذي نصب نفسه عونًا للمعتدين على الدين، والذي استطال بقوّة الأجانب على ضعف الأقارب، والذي سود وجه الإسلام بمؤازرة الظلام، والذي جعل الإفتاء ذريعة للافتيات، وإساءة الأحياء حجة على إحسان الأموات، والذي أقام نفسه عرضة في طريق مطالبة الأمة بحق من حقوقها، والذي تولى من لم يجعل له الله على الإسلام سلطانًا، والذي قاس حكومة مسيحية على حكومة مسلمة، في تصرّف ديني محض، فأغضب الله، وأفسد العلم، وافترى على التاريخ، والذي يتوقح في الإصرار على إفساد عبادات المسلمين بتولي الإمامة ممن لا يدين بدينهم، والذي يرضى لطائفة جعلهم الله شفعاء لخلقه- أن يكون هو شفيعهم في نيل هذه الوظيفة الشريفة إلى (معمر) مسيحي، والذي يطرب لحكاية المذيع لتنقلاته في المسجد في وقت يحرم فيه الكلام، ثم يجمع بين ذلك وبين رواية أثر: ومن مس الحصا فقد لغا، إلخ، والذي يسعى جاهدًا بأقواله وأعماله في إبقاء الشعائر الدينية الإسلامية لعبة في يد من لا يعظم شعائر الله؛ والذي غير دين الله فجعل الكذب والسباب والوقيعة والقذف ومدح أهل الحكم والجاه- كلها "من صوت المسجد" ومما يجوز أن يخطب به على منابر الجمع.

فهذا هو العاصمي الذي لا نزال نذكره بمثل ما يُجزى به إبليس عن فعلته، ونثني عليه بمثل ما أثنى به الأعرابي على بعلته ...

...

وبعد فإن الحق في القضية أن كلام العاصمي وأمثاله- ممن يطالبون بإبقائها على ما هي عليه- هو من الباطل الذي لا يجوز لمسلم السكوت عنه، لأن فيه تماديًا على بطلان عبادات المسلمين وعلى تعطيل المعنى الذي شرعت له الشعائر؛ وإن الحق الذي حومنا عليه مرارًا ولم نقع- حتى خشينا أن يصيبنا الله بقارعة من عنده، جزاء على كتمانه- هو أن تولي الإمامة من حاكم مسيحي باطل، وإن طلب الإمامة من ذلك الحاكم قريبة فوق الباطل، وعليه فالصلاة وراء إمام معين من ذلك الحاكم باطلة، ومن ادعى خلاف هذا فهو يكذب بالقرآن، كما هو كاذب على أبي حنيفة النعمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>