للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدلّة، وضربنا الأمثال، وبسطنا الحلول وقرّبناها إلى الأذهان، فكنا في ذلك كله كمن ينادي صخرة صمّاء، فإذا دلّت هذه الحركة القائمة اليوم على أن الآذان تفتّحت لسبب ما فإننا سنلقي فيها اليوم ما ألقيناه أمس.

لم نزل واقفين عند حدود مذكّرتنا في ماي سنة ١٩٥٠ لم نتقدم عنها ولم نتأخر، فإن كان عندنا جديد، فهو أن كل حلّ يبقي للحكومة أثرًا في شؤون ديننا فهو حل باطل، وأن كل فصل ينطوي على الحيلة فهو- في نظرنا- لغو، لا يقنعنا ولا يرضي الأمّة، وأن كل تشريك للموظفين الدينيين في الرأي والنظر فهو تشريك للحكومة، كما حققناه في تلك المذكّرة.

...

إن الفصل الحقيقي الذي نريده هو تسليم الدين الإسلامي إلى أهله المسلمين، فإن أحسنوا فيه فلأنفسهم، وإن أساؤوا فعلى أنفسهم، كما يفعل المسيحي في دينه، واليهودي في دينه، وكذَب وفجر من زعم أننا دعاة فوضى، وهل في العالم من يمجّد النظام مثل المسلم الذي راضه الإسلام على آدابه وتعاليمه؟ وهل يوجد أحكمُ من ذلك النظام الذي بينّاه وأشرنا به في مذكّرتنا؟ وكذَب وفجر من ادّعى أننا مختلفون في أصل ديننا، فإن كان بيننا خلاف فهو من آثار الاستعمار، لا من آثار الإسلام، والحكومة الاستعمارية هي زارعة الخلاف بيننا، وهي التي تسقيه كلما ذبل، وتغذّيه كلما ضعف، وكذَب وفجر من قال إن جمعية العلماء تريد احتكار القضية لنفسها، وما جمعية العلماء إلا الأمّة المسلمة، وما أعمالها إلا تثبيت الإسلام، والدفاع عنه، فإن وُجد في الأمّة من يخالفها اليوم فسيوافقها في الغد القريب، لأنها تدعو إلى القرآن، وأي مسلم يخالفها في هذا؟ وتدعو إلى سنة محمد، وأيّ مسلم ينكر عليها هذا إلا من ينطق بلسان الاستعمار؟

...

كلّ فصل على دغل فنحن ننكره ونحاربه، وسنتمادى على مقاومتنا له، وسنبقى- كما كنا- عاملين على تحرير ديننا، ننتقل مع خصومنا من ميدان إلى ميدان، حتى نلقى الله أو يحكم بيننا وبينهم بالحق، وهو خير الحاكمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>