للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو تعرض عليكم حلولًا لا تحقق رغائبَ الأمّة، أو برنامجًا من سلالة الدستور، فيه من مشابهه النقص والتشويه، فماذا أنتم صانعون؟ إن المسألة مسألة دين وأمّة، وإن الأمّة بالمرصاد، وإن جميل الحكومة معكم لا يكون ثمنه مقتطعًا من حساب القضية الدينية.

وإن لغتكم العربية مصفدةٌ بالسلاسل والأغلال من القوانين والقرارات، وإن مدارسها- على ضعفها وقلّتها- معرّضة للإغلاق. وإذا كانت اللغة سائرةً إلى المحو والاندثار بسبب هذه التضييقات فإن النتيجة الحتمية لذلك هي محو الدين واندثاره لأنها الوسيلة الوحيدة التي يتوتف عليها حفظه وبقاؤه.

أتدرون لماذا أوقف البرلمان الفرنسي تنفيذَ قانون الفصل عليكم، مع أنه لو تولّى تنفيذه لأراح واستراح؟ إنها لعبة شيطانية بكم من دهاة الاستعمار، إنها توريط لكم، إنهم يريدون أن يحرّكوا النار بأيديكم، إنهم كانوا على اتصال بالحكومة الجزائرية، وكانوا على ثقة من أن المجلس الجزائري سيتمّ كما يريدون- وقد تمّ كما أرادوا- وأنهم لا ينتخبون له إلا كل سامع مطيع، وأن الحكومة الجزائرية ستوحي إليهم بأن لا يرضوا بفصل الدين عنها فتكون النتيجة التي تذيعها فرنسا في العالم أن المسلمين هم الذين لم يرضَوا بانفصال دينهم عنها، فتفوز مرّتين، ويخسر المسلمون شيئين: الدين والسمعة.

إن هذه المكيدة ستلصق بكم سبة الدهر وستجعلكم أشأمَ على جنسكم ودينكم من عاقر الناقة.

...

إن أقوامًا قبلكم وصلوا إلى ما وصلتم إليه، وارتقوا على اكتاف الأمّة إلى كراسي النيابة ولكنهم خانوا العهد وأضاعوا الحقوق، فسجّل عليهم التاريخ خزي الأبد وكلة المقت، فحذار حذار أن تكونوا مثلهم.

وفي الماضي لمن بقي اعتبار، وإن أيام النيابة معدودة فاعمروها بالصالح الباقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>