للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأكفان "مقسطة"، فقد سرق إمام قماش الأكفان، فلما تحقّقت التهمة رفعته الحكومة من منصب إمام إلى منصب مفتٍ ...

...

نعجب- أولًا- لاختيار القائمين على المجلة نشر هذا المقال في هذا الوقت، وفيه هذه الشهادة الصريحة، ونعجب- ثانيًا- كيف لم ينشره الكاتب في حياته؟ وكيف لم يسعَ في إصلاح هذه الحالة التي صوّرها، يوم كان يملك الإصلاح؟ وكيف لم يغيّر هذا المنكر حين كان قادرًا على تغييره بعد ما عرف الخطأ وغلاءَ ثمنه؟ ... ولقد عرفْنا هذا الرجل ولقيناه وفاوضناه مفاوضات رسميةً- بحكم منصبه- في قضية فصل الدين، وفي حرية التعليم العربي، فلم نر منه إلا مدافعًا عن الاستعمار وأوضاعه، ولم نجد منه تساهلًا في القضيتين، ولا اعترافًا بحقنا فيهما، وإن كان يحسنُ الإصغاء لكلامنا، ويُظهر التسليم لحججنا.

إننا نرسل إليه- وهو في العالم الآخر- شكرنا، لا على هذه الفضيحة التي نخجل منها قبل أن يخجل هؤلاء القوم الذين صلبتْ على عضّ الهوان جلودهم، وإنما نشكره على أن وضع في أيدينا الحجة القاطعة على ما نتهم به هذه الحكومة- صراحةً- من أنها عاملة على إفساد الإسلام بإفساد رجاله ... وكفى بكلام هذا الرجل دليلًا لنا، وحجّة عليها.

وإن في الجمل التي نقلناها من مقاله كلمتين، كل واحدة منهما حجة لنا في جميع ما كتبناه، وأدرنا عليه كلامنا في الحكومة وفي هذا الموضوع، الأولى تصريحه بالإسلام الجزائري: L'Islam algérien، والثانية نسبته الهيئة الدينية الإسلامية إليه وإلى حكومته، في قوله: Notre clergé musulman ومن قرأ مقالاتنا في الموضوع، عرف موقع هاتين الكلمتين، وأثرهما البليغ في تصديق اتهاماتنا للحكومة، وأننا لم نكن متجنّين ولا مبالغين.

...

والآن أوجه الخطاب إلى المشهود عليهم، وكأنه ليس في الميدان إلا أنا وهم، فأقول:

أيها السادة: لقد أقمتم عليّ القيامة يوم كتبت فيكم ما كتبت، ولم أصفْكم إلا ببعض ما وصفكم به الشيخ "بيرك"، وثارت ثائرتكم عليّ، ورميتموني بالعظائم، وأطلقتم العنان لألسنتكم العيية، وأقلامكم المفلولة، فنضحتْ بسبي، ورشَحت بثلبي، ولم تتركوا سبيلًا للتأليب عليّ والإغراء بي إلا سلكتموه، فأين أنتم اليوم؟ وأين حميتكم في الانتصار للكرامة الشخصية؟ ولا أقول: لكرامة الإسلام، فقد برّأتم أنفسكم منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>