للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن أمامهم ثلاثة أمور توجب عليهم الاتحاد العاجل المخلص، ليواجهوها مجتمعين متكاتفين صفًّا واحدًا يعمل لغاية واحدة.

أمامهم التكتّل الاستعماري، واقفًا بالمرصاد للقضية الجزائرية، متحفّزًا للقضاء عليها، وما جمعَ جموعه إلا من أجلها؛ وما طوى أحزابه في حزب إلا للقضاء على أحزابنا، أفنعينه على أنفسنا بالتفريق؟

وأمامهم الانتخابات للمجلس الجزائري إحدى الثمرات المرة لذلك الدستور الأعرج الذي وضع من غير إرادة الأمة ولا استشارتها، ولا نشك في أن أحزاب الاستعمار ومن ورائها الحكومة تعد العدّة للاستيلاء على جميع مقاعده بكل الوسائل؛ ولا نشك في أن الخطط دبرتْ، وأن الدوائر فصلت على قدر الأذناب والأنصار، لضمان الفوز للأذناب والأنصار، فإذا لم تواجهها أحزابنا باتحاد متين، وقائمة واحدة، خسرت القضية مرتين: مرة بتمهيد السبيل لفوز الاستعمار وأذنابه وأنصاره، ومرة بتوسيع خرق الشقاق والتفرّق بين أجزاء الأمة الذي هو أثر من آثار الانتخاب.

وأمامهم الحالة العالمية العامة بغيمها وظلماتها، لم يضطرب حبلها يومًا اضطرابه في هذه الأيام. وإن في جوّها لبوارق، من ورائها صواعق؛ وإن في طيها لبوائق لم تتفتّق عنها الأكمام. فإذا لم نعالج أحداثها باتحاد عتيد، ولم نقف في وجهها صفًّا واحدًا، وأظلّتنا ونحن متفرّقون متخاذلون، أضعنا الفرصة وخسرنا الصفقة؛ ويا ليتها خسارة تبقي الرجاء وإن أطالت المدة. ولكنها خسارة للقضية وللرجاء فيها معًا.

إن في أحزابنا كفاءات، وفيها رجال، وفيها كنوز من الإخلاص، وقد غطى الخلاف على جميع ذلك، فهل من يد جريئة تُزيح ذلك الغطاء البغيض؟

أيّتها الأمّة: أنت تلك اليد، وأنت- وحدك- القادرة على توحيد الأحزاب. إن قوة الأحزاب مستمدّة من قوّتك، فاعرفيهم متّحدين، ولا تعرفيهم مختلفين، أما كيف تؤدّين هذا الواجب، فإن عليّ بيانه إذا لم يتّحدوا. وسيكون البيان آخر ما يمليه الواجب من محض النصيحة.

أما أنا فقد بلغت ... اللهم اشهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>