للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقفلات، وقد فتح الله علينا في فهمكم حتى لا يغمض علينا منكم معنى ولا تلتوي عبارة، وحتى لو أن الله مسخكم جملًا يضمّها كتاب يُكتب عليه (تأليف ابن قشوط بشرح الحافظي) لما كلَّ لنا ذهن ولا قعدت بنا قريحة عن فهمكم، وإن كان لا يصدر عن الرجلين إلا العسلطة والثرثرة وتلفيق شيء لشيء، وسبحان الفتّاح ...

وإن هذا القلم الذي خط الألف من هذا الموضوع لا يجف ولا يكف حتى يخط الياء منه، وإن صاحب هذا القلم قد ابتلاه الله بدرس التعقيدات الإنسانية، وهو يزعم أنه زعيم بتحليلها وإرجاع كل عنصر منها إلى أصله وقد أتى من أول هذا المقال بلمحة إنْ لم تكن مصدّقة لهذا الزعم فهي منبّهة على قيمته وهو ماضٍ بعد في جريه حتى يحلّل الموضوع وما وضعتم بهوامشه من تعقيدات، وصبرًا أيها القارئ الكريم فإن هذا القلم ما بعد بكم عن عنوان هذا المقال إلا ليقرّبه إليكم فارتقبوا ولا تعجلوا، وما الحيلة وقد أبى أصحابنا إلا أن يكونوا موضوعًا تضطرب فيه الأفكار وتزدحم عليه الأقلام. وإن من تمام الحل لهذه العقدة أن نأتي على جميع ما يقولونه ونشرحه شرحًا يكشف عمّا بين أقوالهم وبين مقاصدهم من بعد. ونبيّن للناس أنهم غالطون في بعضها ومغالطون ببعضها، ثم نأتي على ما يقولونه عن أنفسهم وما يدعونه لها ونعطي القرّاء عهد الله أننا نخرج من هذا الشرح ونحن في كفة من الميزان وخصومنا في كفّة- وما هو إلا ميزان السنّة الصحيحة- لينظروا أيّنا أرجح.

فهم يقولون لو سكت لنا المصلحون في كذا وكذا لسلَّمنا لهم الباقي أو- على الأقلّ- لم تكن منّا هذه الطيرة وهذا التألب وهذه القضية. ونحن نعلم أننا لو تساهلنا معهم وجاريناهم على الظاهر من قولهم فسكتنا لهم عن هذا (الكذا) لقالوا أيضًا لو سكتوا لنا عن كذا آخر حتى نسكت لهم عن الجميع، فالقوم لا يرضيهم منّا إلا السكوت البات كما يقول رئيسهم (١) في شروطه المعروفة للقرّاء. ولا يرضيهم إلا كم الأفواه وتكسير الأقلام لم لا نحصل منهم على الرضا التام حتى نرقص رقصهم ونفحص الأرض بأرجلنا فحصهم ونضرب معهم البندير ونبلع الزجاج والمسامير. ولو كان ما يقولون حقًا وكانوا على شيء من الإنصاف لسلّموا لنا شيئًا من شيء واعترفوا بما يسهل عليهم الاعتراف به ولم يقعوا من الدفاع على الباطل في الإنكار للحق وإذن لكانوا معنا في أهون الشرّين.

على أننا قد سكتنا على كثير من أباطيلهم فسكتنا على ما لا يجوز السكوت عنه حتى لنحسب أننا بذلك السكوت شركاؤهم في الباطل وأن الله مؤاخذنا عن ذلك.

قد سكتنا- يا لكم الله- عن كتب ابن عليوه وما فيها من البلايا والجرائم وكبائر الإثم والفواحش وأن من يسكت عن كتب ابن عليوه يسكت عن عظيم من الشر وشنيع من


١) أي رئيس جمعية "علماء السنة" وهو الشيخ المولود الحافظي.

<<  <  ج: ص:  >  >>