للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بناءً ليس لهم فخره ولا نفعه، وبناءً ليس منهم أصله ولا فرعه، ويلقون في كل ساعة خصمًا يرميهم ويرمي جنسهم بعقم الفكر، وتخلّف الذهن وخرق اليد، وقد باهوا بماضيهم، فقيل لهم: وأين حاضركم؟ فارتج عليهم، وأجرهم الواقع بما أخرسهم، فلهم في أعمال بني أبيهم حجة، ولهم بها افتخار، وقد أكسبتهم تلك الحالة تفنّنًا في المباهاة، وذوقًا لطيفًا في صوغها، فهذا من ذلك، ولا عتب ... ولقد ساءني- والله- أن تكون هذه الجامعة الفخمة حمى للعربية، ولا تكون حمى للإسلام، وإن مجد العربية من مجد الإسلام، وإن في الإسلام لكنوزًا من الفلسفة الروحية والكمالات الإنسانية، وما ان هذه الجامعة لأحق ببحثه ودراسته.

أما الجامعة الأزهرية فيؤسفني أن وقتي لم يتّسع لزيارتها زيارة تليق بمكانتها في نفسي، وإن زارني كثير من أساتذتها الأجلّاء، وإن زرت إدارتها ومديرها الأستاذ الجليل محمد عبد اللطيف دراز ردًّا لزياراته المتكرّرة، وتنويهًا بمكانه من جمعيتنا لأنه من رؤسائها الشرفيين، وسأقضي ما فاتني من حقوق الإخوان، وسأستوفي ما حرمته هذه المرّة من الزيارات والدراسات في الزورة الثانية لمصر، وقد تقاضى مني الإخوان بذلك وعدًا أنا منجزه إن شاء الله تعالى.

...

____

[إلى كراتشي]

____

كنت يوم خرجت من الجزائر مصمّمًا على أن أقيم في القاهرة يومين، وأواصل السفر بعدهما إلى باكستان، لأن مكان مصر من هذه الرحلة يأتي في الأخير، ولأن باكستان هي الأولى في البرنامج، ولأحضر اجتماعًا يعقد في كراتشي باسم مؤتمر العالم الإسلامي القديم، ولكن أمرين حدثا في مصر فرميا ذلك التصميم بالوهن: الأول مقابلة جميل أولئك الإخوان الذين حدّدوا المواعيد لزيارتي، بجميل مثله، والثاني ما بلغي بعد وصولي إلى القاهرة من أن اجتماع كراتشي إنما هو اجتماع اللجنة التنفيذية للمؤتمر، وأن الاستدعاء الذي بلغي إنما يراد به استجراري لزيارة باكستان، وحسنًا فعلوا، أما مؤتمر الشعوب الإسلامية فلم تبلغني الدعوة إليه إلا وأنا بالقاهرة في رسالة حملها إلي الأستاذ سعيد رمضان الذي رجع من رحلته إلى أندونيسيا وباكستان في اليوم السابق لخروجي من القاهرة، وبادر فزارني على أثر وصوله، ثم تفضل فزارني ليلًا وقضى معي ساعات، ولا أنسى فضله عليّ فيما قدّم إليّ من معلومات غالية، كانت وما زالت نورًا يسعى من بين يدي في هذه الرحلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>