للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشباب المحمّدي *

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الشباب في كلّ أمّة هم الدم الجديد الضامن لحياتها واستمرار وجودها، وهم الامتداد الصحيح لتاريخها، وهم الورثة الحافظون لمآثرها، وهم المصحّحون لأغلاطها وأوضاعها المنحرفة، وهم الحاملون لخصائصها إلى من بعدهم من الأجيال.

كنا شبابًا فلما شبنا تلفّتنا إلى الماضي حنينًا إلى الشبيبة فرأينا أن الشباب هو الحياة التي لا يدرك قيمتها إلا من فارقها، ورأينا أخطاء الشباب من حيث لا يمكن تداركها، وسيصبح شباب اليوم شيوخ الغد، فيشعرون بما نشعر به نحن اليوم، وليت شعري إذا كان شيوخ اليوم هم شباب الأمس وشباب اليوم هم شيوخ الغد، فعلام هذه الشكوى المترددة بين الفريقين؟ ... وهذا التلاوم المتبادل بين الحبيبين؟ ... يشكو الشيوخ نزق الشباب وعقوقهم ونزواتهم الكافرة، ويشكو الشباب بطء الشيوخ وترددهم وتراجعهم إلى الوراء ونظرتهم إلى الحياة نظرة الارتياب.

مهلًا أيها المتقاربان المتباعدان، فليس التفاوت بينكما كسبيًا يعالج، وليس النزاع بينكما علميًا يحكم فيه الدليل، ولكنه سنّة وتطوّر. كنا حيث أنتم، وستصبحون حيث نحن بلا لوم ولا عتاب، هما مرحلتان في الحياة ثم لا ثالثة لهما طويناهما كرهًا، وستطوونهما كرهًا، والحياة قصيرة وهي أقصر من أن نقطعها في لوم أو نقطعها بنوم. ليحرص الشباب على أن يكونوا كمالًا في أمّتهم لا نقصًا، وأن يكونوا زينًا لها لا شينًا، وأن يضيفوا إلى تليد مكارمها طريفًا، وإلى قديم محاسنها جديدًا، وأن يمحوا كل سيئة لسلفهم بحسنة.


* كلمة صدرت في كتاب "وصايا أساطين الدين والأدب والسياسة للشبّان" للشيخ عبد الله المزروع، دار المنارة، جدّة، ١٩٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>