للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورضيت أكمل الرضى أن كان جهد المقل مني يرضيك، وما هو إلا لبنة في بنائك، وقطرة في إنائك، ورعيٌ لذمّتك، وسيٌ في كشف غمّتك، ورضيت من الجزاء على ذلك كله برضى الله وقبوله، فلا يهولنَّك فراغك مني أيامًا، فعسى أن يكون المسك ختامًا، وعسى أن تسعد بآثار غيبتي أعوامًا.

...

أيها الوطن الحبيب:

إخوتُك في الوطن العربي الأكبر رفاق سفر، ولكنهم ساروا بالأمس وخلفوك، وذكر بعضهم بعضًا ونسوك، فلتهنأ اليوم أن واحدًا من أبنائك ألحقك بالسائرين، ثم جلّى بك فأصبحتَ في المقدّمة، وذكّر بك الناسين، فلهجت باسمك الألسنة، وإنهم شركة مساهمة لم يكن لك فيها سهم، فلتقرّ عينًا بابنك الذي أصبحت به في الشركة ذا سهم رابح، كما كنت به في موقف النضال ذا سهم مصيب وأنت تدري من هو ذلك الابن.

أيها الوطن الحبيب:

أما الشوق إليك فحدّث عنه ولا حرج، وأما فراقك فشدّة يعقبها الفرج، وأما الحديث عليك فأزهار تضوّع منها الأرج، وأما ما رفعتُ من ذكرك فسئ من دب ودرج، وأما الانصراف عنك فإرجاف بالغيّ لم يجاوز صاحبه اللوى والمنعرج، وأما الأوبة فما زلت أسمع الواجب يهتف بي: أن يا بشير، إذا قضيت المناسك، فعجّل الأوبة إلى ناسك ... وسلام عليك يوم لقيت من "عقبة" وصحبه بِرًّا، فكنت شامخًا مشمخرًّا، ويوم لقيت من "بيجو" وحزبه سرًّا، فسلّمت مضطرًّا، وأمسيتَ عابسًا مكفهرًّا، وللانتقام مسرًّا، وسلام عليك يوم تصبح حرًّا، متهللًا مفترًّا، معتزًّا بالله لا مغترًّا.

ومعذرةً إليك إذا كنت ارتخيت، ثم انتخيت، فإنما هي نخوة الأُباة الأشاوس، يدفعون بها وساوس الصدور، ويدفعون بها في صدور الوساوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>