للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأثبتهم صبغة في التمسك بدينه والغيرة عليه والوفاء للقرآن تلاوة لِلَفظِهِ، وتدبرًا لمعانيه، والدعوة إلى الحق به، والعمل على نشره، والتشجيع على فهمه، والصلة بعلمائه، والشدة على خصومه والمنافرين له، وهو مع ذلك رحيب أفق التفكير، سديد النظرة، حاضر الذهن، صافي القريحة، وقد تضافرت هذه العوامل على توفير حظه من فهم القرآن وعلى تزويده بملكة أهلته لأن يطارح العلماء فهمه، فيسبقهم في بعض الأحيان إلى اكتشاف نكته وغرائبه، وقد عرض علينا طائفة من فهومه لآيات متفرقة، فرأينا فهمًا سديدًا واتجاهًا حميدًا، وتفطنا للدقائق الكامنة في الألفاظ والآيات، بصرًا بما بين الآي والسور في ترتيبها التوقيفي من المناسبات والصلات.

رأينا في هذا الرجل مجموعة من المؤهلات الكسبية، والمواهب الفطرية، هي النموذج الصحيح للعقل الذي يفهم القرآن على أنه هداية عامة للبشر، وأنه كتاب الكون، وأنه الدستور الكامل لإصلاح الأفراد والجماعات، وأنه صالح لكل زمان ومكان بمجاراته للعقل، ودعوته إلى العلم، وجمعه بين مطالب الروح والجسم.

وقد قدم لنا في اجتماعنا الأخير بالقاهرة قطعًا من خواطره المتفرقة في معاني سورة "العصر" وغيرها، ونظرنا فيها فاقترحنا عليه أن لا يضيع أمثال هذه الفوائد، وأن يجمعها في كراريس ويحفظها بالطبع، لتكون في جملة ما يقدم لهذه الأجيال السائرة إلى القرآن على شعاع القرآن، وقد استجاب- حفظه الله- لرأينا، وقدم للطبع هذه القطعة الصغيرة من خواطره في سورة "العصر" وصدرناها نحن بهذه الكلمة المقتضبة في الدعوة إلى القرآن، وعسى أن تكون مشجعة له على مواصلة السير في هذا النهج القويم مع ترديد النظر، وتمحيص الفكر، وتقليبه على وجوهه، وإحسان التأليف بين أطرافه وعدم الاقتناع بأول خاطر، وأوصيه بأن يعرض كل خاطرة تخطر له على القرآن كله ثم على الآيات الخاصة بموضوع الخاطرة، مع خلوص النية وصدق المعاملة مع الله في كتابه، وتوخي نفع المسلمين بدلالتهم على طرق الانتفاع بهذا الكنز الثمين، وأوصيه ونفسي بتقوى الله في السر والعلن، وتوقي مساخطه التي تطفئ نور البصيرة، وتردي مجترحها في المهلكات.

ونحن معشر الدعاة إلى هداية الكتاب والسنة نستبشر بهذه المقدمات، ونتمنى أن تكون مؤدية إلى نتائجها الجليلة، ونرحب بهذه الطلائع الفكرية، ونرتقب ما وراءها من كتائب أنصار القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>