للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومظهره فقط، أما في حقيقتها فهي متنكرة للإسلام مجاهرة بمنابذته عاملة على إزهاق روحه في مدارسها وعلى إشاعة الإلحاد بجميع الوسائل، وإني لأعجب لهذه الحكومات المتنكّرة للإسلام ولتناقض أعمالها، فبينما هي تجهد في حرب الشيوعية وتمعن في عداوتها وترصد للقضاء عليها المقادير الوفيرة من أموال المسلمين، إذا بها تقف موقف العداوة والخصومة من أكبر عدو للشيوعية وهو الإسلام. ولو أن هذه الحكومات عمدت إلى تقوية المعاني الإسلامية الصحيحة في النفوس بواسطة المدارس والدعاة والوعّاظ والجرائد لسدّت جميع المنافذ على الشيوعية ولضمنت لنفسها النتيجة الصالحة من أقرب الطرق، ولوفّرت جهدًا ومالًا ووقتًا هي في حاجة إليها، ولو أن هذه الحكومات فهمت حقيقة الإسلام وحقيقة الشيوعية لآمنت بأن القلوب العامرة بمعاني الإسلام لا تجد الشيوعية فيها مكانًا، وما هو إلا أن يدخل الإيمان الكامل بالله فتخرج الشيوعية ... يدخل الإسلام بعدله وإحسانه ورحمته واطمئنانه فتخرج الخيالات والأماني الباطلة والاضطرابات النفسية مذمومة مدحورة، ولو علمت حكوماتنا الإسلامية ذلك لعلمت أن الشيوعية لا تدفع بسد منافذ الحدود، وإنما تدفع بسد منافذ النفوس. ولكن من مصائبنا وبلايانا أن وراء كل حكومة من حكوماتنا شيطانًا من الأجانب يغري ويوسوس، وإرادة منهم تحرّك وتسكن، ولسانًا يملي ويلقّن، ويدًا تقيم وتقعد، وخيالًا يرغب ويرهب، ونفوذًا يرجى ويخاف، وإن افتتان حكّامنا بالكراسي، صيّر الجاري منهم كالراسي، وإننا سمحنا للأجنبي بالوقوف في الفناء فاقتحم الدار ثم أخرجنا منها ...

وضربنا لهم الأمثال بالواقع الملموس فلم يعقلوا ...

قلنا لهم: هذه حكومة الهند لم تبنِ أمرها الجديد على التنكّر للبرهمية ولا على التنصّل من الدين، بل بنت دولة تجمع مئات الملايين على دين أساسه الوثنية وعبادة البقر، وقد أصبحت- مع هذا- دولة مرهوبة السطوة عزيزة الجانب، تخطب ودّها أعظم دول العالم بأسًا وعلمًا، فما بالكم لا تبنون دولكم الضعيفة على دين التوحيد وعبادة الواحد وعلى تاريخ مشرق كفلق الصبح مملوء بالمآثر والمفاخر وعلى سلف لهم في كل صالحة أثر واضح ولهم إلى كل موقف عزّة خطى حثيثة، وعلى قرآن وصل بين السماء والأرض، وآخى بين الروح والمادة، وحرّر الفكر والعقل، وحلّ المشكلات الاجتماعية بالعدل والإحسان، أم أنتم لا تعقلون؟

وقلنا لهم: هؤلاء اليهود الذين ظهروا عليكم وقهرت قلتهم كثرتكم وأخرجوكم من دياركم صاغرين، بنوا دولة في أرضكم على الدين، وأذكوا الحماس لها باسم الدين، ولفتوا العالم إليها باسم الدين، وزعموا أنها حق لهم بشواهد الدين، وسمّوها باسم ديني تبجحًا وافتخارًا برغم أنف العالم الملحد. فنسبوها إلى إسرائيل بذرة نُجارِهِم، ومعقد فخارهم، فويحكم ... إن كلمة "دولة اسرائيل" هي كلمة اليهود وان كلمتكم العبقرية التي تساويها- لو

<<  <  ج: ص:  >  >>