للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلسطين واليهود *

كتبتُ قبل ست سنوات مجموعة مقالات في جريدة البصائر كانت طلائعها مبشرات تحتوي على تحميس للعرب في حرب اليهود، وبيان حقوق العرب وأحكام الاستدلال عليها من التاريخ. وكشف الأخلاق والطبائع اليهودية وبثهم للدسائس والمكائد في كل حركة يأتونها، ولا عجب في استرسالي في تلك المقالات، فنحن الجزائريين بلونا من تلك المكائد ما جعلنا أفقه الناس في تلك المخزيات التي يأتيها اليهود في العالم، وتلك الطرائق في امتصاص أموالهم وتسخيرهم بالمال، وبراعتهم في الدعاية والتضليل وإنفاقهم الملايين في بث الفتن وإفساد الأخلاق.

نحن أفقه الناس في الطبيعة اليهودية لأن يهود الجزائر من بقايا الجالية اليهودية التي هاجرت مع العرب عند الجلاء عن الأندلس. وقد عاشوا مع العرب المسلمين في الأندلس قرونًا فرأوا فيها من حسن الرعاية ومن صنوف البر والتكريم ما وصلوا به إلى مراتب الكرامة وولاية الوزارة. وعاملهم المسلمون في أيام ملكهم معاملة الأخوة فلم يُمْنَعوا عن مال ولا جاه، فلما جاء طور الانتقام نالهم منه ما نال المسلمين، وكانت النزعة المسيحية في عداوة أعداء المسيح الأُوَل على أشدّها.

...

كارثة فلسطين من أعمق الكوارث أثرًا في نفوس المسلمين الصادقين، وجميع الكوارث التي حلّت بالمسلمين عدل من الله تخفى على البسطاء أسراره، وتظهر للمتوسمين أسبابه، إلا قضية فلسطين فإن وجه العدل الإلهي فيها واضح مسفر، ذلك أن العرب ومن


* مقال وُجد في أوراق الشيخ، كتبه بالقاهرة في أوائل ١٩٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>