للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السياق التاريخي (١٩٥٤ - ١٩٦٥)]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إن إيمان الإمام محمد البشير الإبراهيمي بالجهاد وسيلة لتحرير الوطن من الاستعمار هو من إيمانه بربه الذي أنزل في كتابه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ}، وأنزل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}، ومن اقتناعه بأن الفرنسيين لا يخضعون إلّا للقوّة، حيث كتب سنة ١٩٥٠ يخاطب الشعب الجزائري ويغرس في قلبه هذه الحقيقة: "إن القوم- الفرنسيين- لا يدينون إلّا بالقوّة، فاطلُبها بأسبابها، وَأْتها من أبوابها، وأقوى أسبابها العلم، وأوسع أبوابها العمل، فخُذْهُما بقوّة تَعِشْ حميدًا وتمُتْ شهيدًا" (١)، ويضاف إلى ما سبق معرفة الإمام بنفسية الشعب الجزائري الذي فُطر على حُبّ الجهاد، دفاعًا عن دينه، وعرضه، وأَرضِه التي سُمّيت في فترة من تاريخه: "أرض الجهاد"، وسُمّي أحدُ أبواب عاصمته "باب الجهاد" (٢). فمسألة تحرير الجزائر عن طريق الجهاد مسألة مفروغ منها بالنسبة للإمام الإبراهيمي، وإن تقول المتقولون، وأَرْجَف المرجفون.

بيد أن الإمام كان مقتنعًا أن إعلان الجهاد من غير إعداد للشعب هو إلقاءٌ به إلى التهلكة، وتضحية بأبنائه من غير جدوى، وكان يؤمن أن أهم إعداد لذلك الجهاد هو تحرير عقول الجزائريين ونفسياتهم، لأنه "محال أن يتحرر بَدَنٌ يحمل عقلًا عبدًا" (٣). ولا شك أن


١) انظر مقال: "ويحهم .. أهي حملة حربية؟ " في الجزء الثالث من هذه الآثار.
٢) أبو القاسم سعد الله: الحركة الوطنية الجزائرية، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب ١٩٩٢، الجزء ١، القسم ١، [ص:٦٤]. وبعد الاحتلال سمته السلطات الفرنسية، "باب فرنسا"، وقد سُمِّيَ أخيرًا باسم المجاهِدَيْن عروج وخير الدين بَرْبَرُوس.
٣) انظر مقال: "جمعية العلماء: أعمالها ومواقفها- ١" في الجزء الثالث من هذه الآثار.

<<  <  ج: ص:  >  >>