للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمّيّة*

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أيها الإخوة الكرام:

إن الكمال والنقص وصفان يتعاقبان على الفرد كما يتعاقبان على المجموع، وهذا الإنسان العاقل خُلق مستعدًّا للكمال، وقد هيّأ له خالقه الحكيم أسبابه ومكّن له وسائله، ونصب له في داخل نفسه وخارجها أمثالًا يحتذيها لبلوغ الكمال، ووضع بين عينيه صور الموجودات وعوارض الكمال والنقص فيها لينتزع من قوانين الكمال فيها قانون كماله، وليجتنب من علمه بأسباب نقصها أسباب نقصه، وإن كانت أصول الكمال والنقص في العالم الإنساني تختلف عن أصولها في غيره من العوالم، لأن لاختيار الإنسان مدخلًا كبيرًا وأثرًا قولًا في كماله ونقصه، والاختيار من خصائص هذا الإنسان.

ومما علمناه من شؤون الاجتماع البشري أن الكمال فيه نسبي إضافي، فما من كمال إلا وفوقه كمال، وأن الكمال في المجموع متوقف على الكمال في الأفراد، وأن النقص في المجموع مترتب على النقص في الأفراد؟ فمتى أخذ الأفراد بأسباب الكمال وسلكوا له وسائله كمل المجموع.

ومتى قعد الأفراد عن تعاطي أسباب الكمال فشت النقائص في المجموع.

وإنما تتفاوت حظوظ الأمم في الكمالات المكتسبة كالغنى والعلم والتضامن والتعاون والاتحاد والترقي في أسباب المعيشة.


* تقرير عن الأمية ألقي في مؤتمر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذي انعقد بنادي الترقي بالعاصمة في سبتمبر ١٩٣٥، (كتاب سجل مؤتمر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، المطبعة الإسلامية الجزائرية، قسنطينة، [ص:٨٥ - ٩٣]).

<<  <  ج: ص:  >  >>