للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدّية هو رئيسها المحترم. وأذكر أنني تحادثت معه في هذا المعنى، وقلّبنا وجوه الرأي فيه منذ سنوات، وربما كان ذلك قبل تأسيس الجمعية.

فبما أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين هى أول هيئة علمية منظمة بهذا القطر، وعليها، لا على غيرها، يكون التعويل والاعتماد في هذه المسائل الكبيرة.

وبما أن هذا التقرير يلقى باسمها وفي مؤتمرها، فإن كل ما أعرضه عليكم يجب أن ينفّذ باسمها وأن تتوصل إلى تنفيذه بجاهها ونفوذها عند الأمّة من حيث إنها الجمعية الوحيدة التي أخذت على عاتقها خدمة الأمّة.

وأول ما يجب عليها أن تبدأ به هو توجيه نصائح عامة ونداءات صارخة تستفز بها شعور الأمّة، وتثير نخوتها وحماسها لتحمل على الأميّة بقضها وقضيضها حملة صادقة. وأقل ما يكون لهذه النصائح من التأثير أنها تهئ الأذهان وتشرع الطرق وتجعل لنا من الخامل الكسلان عونًا على نفسه.

وحيث إننا جرّبنا التعليم الموجود بقسميه فلم يفدنا في التخفيف من مصائب الأميّة، فقد قام الدليل على أنه غير كاف في المقصد الذي نتحدّث عنه وأن وسائله ناقصة، ووجب أن تضاعف الجهود وأن تنظم الخطط على قاعدة طبيعية بالنسبة إلينا، وهي أننا نريد تبديل الأميّة بتهذيب ولا نريد تبديلها بصناعة، لأننا نعتقد أن تبديل الأميّة بصناعة بالنسبة إلينا هو نوع من الأميّة وارد في غير اسمها.

والأميّة بالنسبة إلينا صارت مرضًا نفسانيًا، والأمراض النفسانية لا تداوى إلا بما يوافق المزاج الخاص.

هنا يتشعب العمل أمام جمعية العلماء لأنه كما يجب عليها أن تعالج الكبار من داء الأميّة، يجب عليها أن تحمي الصغار المعرّضين لغوائلها وفتكها.

أما الصغار، فإن المصل الواقي لهم من هذه العلة هي تلقينهم مبادئ القراءة والكتابة من الصغر.

وأقل ما يجب على الجمعية في هذا السبيل الوصايا والتحذيرات المؤكدة لآباء الناشئين لئلا يتراخوا أو يفرطوا في هذا الواجب.

ثم عناية خاصة مضاعفة بالتعليم الذي تقوم به الجمعية، يكون أساسه والقصد منه رفع الأميّة وحماية الناشئة منها.

وكلنا يعلم أن تعميم التعليم بقدر المستطاع قطع لانتشار الأميّة وتضييق لدائرتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>