للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن التعاون الذي ظهر بين أفراد الشعب الجزائري، في هذه الثورة، هو التفسير الصحيح لكلمة الأخوّة الإسلامية.

وجملة القول، من غير محاباة ولا غلوّ، أن الثورة الجزائرية فصل غريب في تاريخ الإنسانية، قرئ قبل أن يكتب، وفهم قبل أن يتمّ. وسيكون بعد أن يكتب بابًا ممتازًا في تاريخ الثورات التحريرية، يجد فيه الدارسون شذوذًا في كل قاعدة من قواعد الثورات، وهدمًا لكثير من النظريات الثورية السالفة في حياة الشعوب.

أيها الإخوة الكرام:

إننا لا نعلّمكم شيئًا جديدًا عن الثورات، فقد سبقتمونا إليها، وكنتم أئمتنا فيها، ونلتم استقلالكم بالضحايا والدماء والأشلاء، وما من قطر عربي أو إسلامي استقلّ بدون ثورة، وإنما هي بثّ من متعب إلى مستريح، وشكوى خابط في الدياجي، طال ليله، فطال ويله، إلى أخ كريم له، قد أطلق سراحه، وتبلّج على نور الحرية صباحه. فاعذروا إخوانكم الجزائريين إذا ألحّوا، واعذلوا إخوانكم العراقيين إذا هم بالنجدة شحّوا. إنكم لم تجتمعوا في هذا المكان والزمان لبناء بيت أو تكفين ميت، وإنما اجتمعتم لإحياء شعب من بني أبيكم، حياته حياتكم، وعزّه عزّكم، وفي انتصاره انتصاركم، وفي اندحاره اندحاركم. وقد أحالكم على الأنساب، وهي أرحام، وعلى اللغة وهي قوام، وعلى الخصائص وهي ذمام، وعلى الدين وهو عروة اعتصام؛ إنكم أسميتم هذا الأسبوع أسبوع الجزائر، وجعلتم براعة استهلاله هذا اليوم، وهذا الاجتماع الذي زاده حضور جلالة الملك الشاب بهاءً وإشراقًا، فأصبحت هذه الإضافات عقودًا في أعناقكم، يجب الوفاء بها على أكمل وجه، يشرّف العراق والجزائر، ويقوم بحق صاحب الجلالة، الذي لم يكفه أن حضر حتى تكلّم، ولم يكفه أن تكلّم حتى افتتح الاكتتاب.

اجعلوا هذا الأسبوع كالينبوع، يفور ولا يغور، وكماء دجلة يفيض ولا يغيض. وكيوم الجمعة عند القانت الأوّاب، تقلّ حركاته، وتكثر بركاته، وسلام عليكم في المؤمنين الصادقين، وسلام عليكم في الباذرين للخير والباذلين.

{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>