للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد علمنا من تحرياتنا المستعجلة حين كتابة هذا [التقريظ]، ان أحق الناس بالترويج لهذا الكتاب وتقديم الإعانة المادية له- وهو مقدّم ضريح الشيخ (٣) وسادن قبره- رجل عفريت لا يستنزل عن فلوس النذور بمثل هذه الرقية، ولا يتنازل من كبشه، حتى عن أكارعه وكرشه ... وما حاجته إلى هذا الكتاب؟ ومعظم زوّار الضريح ريفيون، وهم من فضل الله على المقدم أميون، وغير الريفيين قد تأثروا بتعاليم ذلك (الأعرج) (٤) فلا مطمع في إرجاعهم إلى النية (٥) والزيارة بهذا الكتاب، ولا بمآت من مثل هذا الكتاب.

وزيادة على ذلك فإن لهذا المقدم وزملائه منزعًا آخر في بغض الكتب على الإطلاق وتبغيضها للناس كيفما كانت ولو من ماركة السعادة ... ، وهو اعتقادهم أنها تذكّر بالقراءة. والناس- في نظرهم- نيام، فإذا قرأوا استيقظوا.

أرأيت، أيها القارئ، كيف لعبت التصاريف بأخينا المؤلف حتى أوقفته تحت المثل (لَا مَاءَكِ أَبْقَيْتِ وَلَا حِرَكِ أَنْقَيْتِ)؟!

على ان قصد المؤلف للتقرب من هذه الطائفة ليس هو كل ما في الباب. بل علمنا من تحرياتنا وإمعاننا في البحث وتشممنا للروائح وتفرّسنا في [البصمات]، ما هو أهم من هذا وأحق بالاعتبار. وهو بيت القصيد من هذا المقال الطويل.

فقد علمنا- والعلم عند الله- أن للمؤلف صلة طبيعية بمدير متقاعد لمدرسة تلمسان. وقال قائل بعد أن قرأ الكتاب: "إني لأجد ريح فلان لولا أن تفنّدون". قلنا: ومن فلان؟ قال: "هو رجل له دعوى في الاستشراق، وتطفل على موائد المستشرقين، وله اشتغال بالمباحث الإسلامية، وبالأخص الدين والعادات. وهو يتناول هذه المباحث بعقل مريض، ونفس مملوءة حقدًا على الإسلام، وغايته من كل أعماله تصوير الإسلام للأوروبيين تصويرًا مشوّهًا قبيحًا، وحمل الجاهلين منهم بحقائقه على اعتقاد أن الإسلام هو هذه المظاهر السخيفة التي يقوم بها الطرقيون. وقد كان يلقي إلى عهد قريب بمدينة تلمسان محاضرات (اثنينية) على لفيف من عوام المعمرين في هذا الموضوع. ثم وجد من ضباع الطرقيين مطية ذلولًا لبلوغ غايته تلك.

فقد أوحى إليهم- بعد أن اشترى ضمائرهم "بزردة" وضمائر الطرقيين في بطونهم- أن يجتمعوا لميقات يوم معلوم في صعيد واحد على اختلاف نحلهم، ويمثلوا بغاية الدقة أمام آلة التصوير السينمائي كل ما في الطرق من مهازل ومخاز على أنها شعائر إسلامية- كما يقول


٣) أي القَيِّم عليه.
٤) الأعرج: هو الإمام الإبراهيمي نفسه.
٥) معناها الغَفْلَة والبَلَاهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>