للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:

بيان ١٦ أفريل ١٩٦٤ *

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتب الله لي أن أعيش حتى استقلال الجزائر، ويومئذ كنت أستطيع أن أواجه المنية مرتاح الضمير، إذ تراءى لي أني سلمت مشعل الجهاد في سبيل الدفاع عن الإسلام الحق، والنهوض باللغة العربية- ذلك الجهاد الذي كنت أعيش من أجله- إلى الذين أخذوا زمام الحكم في الوطن، ولذلك قررت أن ألتزم الصمت.

غير أني أشعر أمام خطورة الساعة، وفي هذا اليوم الذي يصادف الذكرى الرابعة والعشرين لوفاة الشيخ عبد الحميد بن باديس- رحمه الله-، أنه يجب علي أن أقطع ذلك الصمت، ان وطننا يتدحرج نحو حرب أهلية طاحنة ويتخبط في أزمة روحية لا نظير لها، ويواجه مشاكل اقتصادية عسيرة الحل.

ولكن المسؤولين- في ما يبدو- لا يدركون أن شعبنا يطمح قبل كل شيء إلى الوحدة والسلام والرفاهية، وأن الأسس النظرية التي يقيمون عليها أعمالهم، يجب أن تنبعث من صميم جذورنا العربية الإسلامية، لا من مذاهب أجنبية.

لقد آن للمسؤولين أن يضربوا المثل في النزاهة وألا يقيموا وزنًا إلّا للتضحية والكفاءة، وأن تكون المصلحة العامة هي أساس الاعتبار عندهم، وقد آن أن يرجع لكلمة الاخوة- التي ابتذلت- معناها الحق، وأن نعود إلى الشورى التي حرص عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد آن أن يحتشد أبناء الجزائر كي يشيدوا جميعًا "مدينة" تسودها العدالة والحرية، "مدينة" تقوم على تقوى من الله ورضوان.

محمد البشير الإبراهيمي


* بيان أصدره الشيخ في ١٦ أفريل ١٩٦٤، ضد الانحراف العقائدي والسياسي في الجزائر.

<<  <  ج: ص: