للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتذكر والاعتبار بمن حملوا على الأعواد. والخشوع معروف هو غير الصراخ والعويل والضجيج والتهويل وقد شيّع الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه وبناته، وشيّعه أصحابه من بعده وشيّع الصحابة- رضوان الله عليهم- بعضهم بعضًا كذلك على هيئة واجمة رهيبة تأثيرها في مشاهديها تأثير ما بعده من تأثير.

إنهم يقولون ان ذكر الله في تشييع الجنائز يلهي باقي المشيّعين عن لهو الحديث، نحن معهم على هذا بشرط أن يكون الذكر تفكرًا واعتبارًا لا طبلًا ومزمارًا. أما ما هم عليه من رفع أصواتهم في التشييع بلا إله إلا الله وبما سوّلت لهم أنفسهم وزين لهم شياطينهم فهو منكر أنكره الله ورسوله وأصحابه والأيمة المرتضون.

إن لا إله إلا الله لا توضع في غير مواضعها يا قوم! فما لكم إذا قيل لكم لا تضعوها في غير محلها، ومنه الجهر بها في التشييع قلتم متجرئين إننا نحارب لا إله إلا الله؟ كبرت كلمة تخرج من أفواهكم ...

تقولون إننا نلهي بها الناس عن الفضول، فكان كلامكم هذا أصلًا من أصول الفضول، وقد شاهدنا الناس لا يكثر كلامهم والتعرض لشؤون دنياهم في الجنائز إلا عند ما يغمرون بضجيجكم وصخبكم؛ ثم هل لمخلوق- أيًّا كان- أن يزيد في دين الله ما ليس منه؟ كلا!

وما لنا ولهذا الموضوع وقد فرغ منه الناس كتابة وبحثًا، وهدى الله بذلك خلقًا كثيرًا كتب الله لهم النجاة من هؤلاء الذين سيقول أتباعهم القليلون- والحمد لله-: {إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا).

ولو كانوا ممن يبتغي إلى الله سبيلًا كما يزعمون لكفاهم أن ينظروا كتاب الجنائز من موطأ مالك - رضي الله عنه - أو من البخاري أو مسلم أو غير هذه من كتب الحديث الصحيحة ولكنهم إشربوا حب البدعة حتى الثمالة. فما لنا نجادلهم بالحديث وبالكتاب المنير؛ وهم لم ينقادوا حتى للفقهاء الذين يدعون أنهم لهم مقلدون؟!.

أما علمت أن القوم يحاجونك في مشروعية البردة بما لا يليق إلا بهم كأنهم بذلك- يكشفون عن منتهى عهدهم بالدين وبالسنّة وكأنهم بذلك يقولون إنما نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئًا ولا يهتدون.

افتتحوا أضحوكتهم في موضوع ديني محض بقولهم "من عهد ملوك بنى زيان والأتراك إلى يومنا الحاضر وسكان (تلمسان) يشيعون جنائزهم كسائر البلاد الإسلامية بذكر [لا إله إلا الله محمد رسول الله] وبقراءة القرآن وتلاوة (البردة). انصتوا يا معشر أقطار السماوات والأرض! لقد قامت عليكم الحجة فلا تشيّعوا جنائزكم بعد اليوم إلا بالنهيق، والعواء

<<  <  ج: ص:  >  >>