للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجمعية العلماء تعد نفسها- بحق- أشرف من أن تكون ذنبًا لهيئة أخرى مهما كانت قيمتها، أو أداة لأجنبي مهما كان جنسه. وانها مقيدة في عملها بدائرة الدين الإسلامي ولغته، وبدائرة الوطن الجزائري، وبدائرة القوانين الفرنسية التي بنيت عليها الجمهورية الديمقراطية.

وجمعية العلماء تسخر من هذه الاتهامات التي لا قيمة لها والتي لا يصدقها حتى المجانين، معتدة بصدقها في خدمة مَبْدَإِهَا الإنساني الديني العلمي. أما ما تتظاهر به الحكومة الجزائرية من تسامح في التعليم الديني العربي مع هيئات غير جمعية العلماء، وما تستر به قسوتها وغضبها على رجال الجمعية من لين ورضى عن غيرهم، فجمعية العلماء تعلم حق العلم أن الهيئات الملحوظة بالرضا من الحكومة الجزائرية هي الهيئات الطرقية. وتعلم حق العلم أن الطرقية بشكلها الحاضر هي من صنع يد الحكومة، وان الحكومة تعلم كما نعلم أن الطرقية ليست وسيلة تعليم وتهذيب، وإنما هي أداة تجهيل وتخريب. وان آثارها في عقول الأمم التي ابتُليت بها هي التخريف والجمود. ووا أسفاه! إن من العار على حكومة علمية ديمقراطية أن تنصر الجمود والتخريف على العلم والتثقيف.

فالهيئة الطرقية التي تنصرها حكومة الجزائر وتخصّها بالرضا والإمداد وتظهرها بمظهر الدين والعلم والتعليم، لتستر بمسايرتها لها محاربتها جمعية العلماء وتقيم من منحها رخص التعليم الحجة على عدم حربها للدين والعلم، هذه الهيئة الموصومة بما ذكرنا هي- في حقيقتها- تشكيل حكومي مؤقت أريد به شل الإسلام والعربية، وهي- في حقيقتها- (ديكري) (١) مؤلف من أشخاص لا من كلمات يضاف إلى ديكري النوادي (٢) وديكري ٨ مارس (٣)، وانه، وإن كان أعمق منها أثرًا، أقصر منها عمرًا ...

فأعضاء شُعَب جمعية العلماء المجتمعون بنادي الترقي يوم الاثنين ٢٧ مارس سنة ١٩٣٩ مجمعون على كل ما تقدم فهمًا واعتقادًا ومجمعون على استنكار هذه المعاملات الجائرة للتعليم الديني العربي.

ومجمعون على اعتبارها طعنات موجّهة إلى صميم الإسلام والعربية ومصمّمون على الثبات في حقّهم، ومتضامنون على الوقوف في وجه الباطل والاحتجاج الصارخ على قانون ٨ مارس وما سبقه من قوانين جائرة وما نشأ عنه وعنها من تطبيقات جائرة.


١) كلمة أجنبية معناها مرسوم.
٢) مرسوم يمنع نوادي جمعية العلماء من بيع المشروبات (قهوة- شاي) حتى تفلس تلك النوادي وتغلق أبوابها، وينفض من حولها الشبان الذين تتخذ جمعية العلماء من تلك النوادي أماكن لتوجيههم.
٣) مرسوم أصدره رئيس الحكومة- وزير الداخلية الفرنسي "شوطان" في ٨ مارس ١٩٣٨ يعتبر فيه اللغة العربية أجنبية في الجزائر، ويمنع تعليمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>