للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَآيَةُ النَّجْوَى لِقَصْدِي مَاهِدَهْ ... وَآيَةُ الْكَهْفِ عَلَيْهِ شَاهِدَهْ (٤٩)

الرَّئِيسُ: وَلَمْ نُخَالِفْ- أَبَدًا- طَرِيقَهْ ... وَلَمْ ونُنَابِذْ- أَبَدًا- فَرِيقَهْ (٥٠)

فَنَحْنُ بِالْعُضْوِ الْجَدِيدِ أَرْبَعَهْ ... وَنَحْنُ فِي الْأَصْوَاتِ خَمْسَةٌ مَعَهْ

أَنَا وَنَحْنُ أَنْتُمَا وَالْغَائِبْ ...

الْجَلَّالِي: ... وَهَذِهِ نِهَايَةُ الرَّغَائِبْ

إِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَزِدْ عُضْوَيْنِ ... وَإنْ يَكُونَا فِي الشَّقَا نِضْوَيْنِ

الرَّئِيسُ: إِذَنْ نَصِيرُ سِتَّةً بِصَوْتِي ... فَلَا تُضِعْ حَقِّي بِهَذَا الصَّوْتِ

الْجَلَّالِي: لَوْ كَانَ هَذَا الصَّوْتُ صَوْتَ الْمَوْصِلِي ... قَدْ زَلْزَلَ الْأَرْضَ بِضَرْبِ زَلْزَلِ (٥١)

أَوْ أَنَّهُ فِي السَّابِقينَ الْأَوَّلِ ... صَوْتُ طُرَيْحٍ فِي الثَّقِيلِ الْأَوَّلِ

أَوْ حَكَمِ الْوَادِي أَوِ ابْنِ عَائِشَهْ ... يَلْعَبُ بِالْأَلْبَابِ فَهْيَ طَائِشَهْ

أَوْ أَنَّهُ صَوْتُ الغَرِيضِ يَطْرَحُهْ ... عَلَى الْجَوَارِي وَالْعَقِيقُ مَسْرَحُهْ

أَوْ أَنَّ هَذَا الصَّوْتَ قَدْ كَانَ امْتَزَجْ ... بِنَبَرَاتِ مَعْبَدٍ حِينَ هَزَجْ

لَمَا صَرَفْتَ فِيهِ كُلَّ الْجَهْدِ ... وَلَزَهِدْتَ فِيهِ بَعْضَ الزُّهْدِ

لَكِنَّا صَوْتٌ بِالِاسْتِعَارَهْ ... جَاءَتْ بِهِ سَخَافَةُ الْحَضَارَهْ

وَلَفْظًا لَيْسَ يُفِيدُ مَا وُضِعْ ... لَهُ وَلَكِنْ قَدْرُنَا بِهِ وُضِعْ

قَدْ تَرْجَمَتْهُ فِئَةُ التَّقْلِيدِ ... وَجَهْلُ شَعْبٍ خَامِلٍ بَلِيدِ


٤٩) هذه النكتة من أسرار القرآن التي لا يفسّرها إلا الزمان بفعل حوادثَ مِنْ عقولِ البشر وتأثيره فيها، والقرآن كتاب الدهر.
٥٠) ننابذ: نخالف.
٥١) ما أبرعَ هذه اللفتة من الْجَلَّالِي وما أبدع هذه القطعة. إنه نقل كلمة الصوت من معناها الاصطلاحي الغث الذي كان الكلام دائرًا عليه في الجلسة إلى معناها الفنّي الساحر وبنى على ذلك التنكيت العميق. فهو يقول للرئيس: لو أن هذا الصوت الذي تسعى جهدك لتحصيله كان صوتًا من أصوات أئمة الغناء من أقطاب هذا الفن لما حرصت هذا الحرص على تحصيله، واسحاق الموصلي وطريح الثقفي وحكم الوادي وابن عائشة والغريض ومعبد. هؤلاء من مشاهير بناة هذا الفن العربي الخالد، وأخبارهم وحدها تاريخ عامر. وزلزل ضارب نابغة ملهم وقد أصبحت هذه الأسماء مضارب أمثال في الأدب العربي الخالد. ولا أروَحَ لنفسي في كل ما قرأتهُ من قول البحتري في لاميته التي وصف فيها الفَرَسَ:
هَزِجُ الصَّهِيلِ كَأَنَّ فِي نَغَمَاتِهِ ... نَبَرَاتِ مَعْبَدَ فِي الثَّقِيلِ الْأًوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>