للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن تبعة ذلك كله تلقى على المعلمين الكرام. فلينظروا أي موقف أوقفتهم الأقدار فيه، وليشدّوا الحيازيم لأداء الأمانة على وجهها، وليجعلوا من أخلاقهم وعزائمهم مرآة للناشئة وقدوة صالحة لها، لينطبع هذا الجيل الذي هو باكورة النهضة على أخلاق متينة، وعزائم قوية ودين صحيح، وليعلموا أنهم إنما يبنون للأمة من كل جيل سافًا حتى يعلو البناء ويشمخ. وإن البناء لا يعلو قويًّا صحيحًا متماسك الأجزاء متعاصيًا على الهزات والزلازل إلا إذا كان الأساس قوّيًا متينًا، متمكنًا ركينًا، وإن هذا الجيل الذي بين أيديهم هو حجرة الأساس في بناء هذه الأمّة من جديد. فليثبتوا الأساس، ليثبتوا الأساس.

...

ليعلم أبناؤنا معلّمو هذا الجيل، أننا- ولا منة عليهم- مهّدنا لهم كثيرًا من العقاب، وذلّلنا لهم كثيرًا من الصعاب، وحللنا كثيرًا من العقد الاجتماعية التي عقدها البعد عن هداية الدين، والجهل بحقائقه، ووطأنا لهم أكناف النفوس المستعصية عن العلم، المستعصمة بالجهل، فأقبلت على العلم بعد أن كانت عنه معرضة، وجادت في سبيله بالمال بعد أن كانت به شحيحة، واستمرأت القراءة فآمنت بها وأنِسَتْ، واستوبلت الأميّة فكفرت بها واستوحشت منها، وعرفت القرآن بعد أن هجرته وتنكرت له، وأصبحت تهتز لسماع لغة القرآن اهتزاز النشوة والطرب، وفتحنا أذهانها على حقائق الإسلام فأدركتها وجدّت في طلبها بعد أن كانت تتلهّى عنها بقشور تسمّيها الإسلام، ووصلنا ماضيها المشرق بحاضرها المظلم لينعكس عليه إشراقه بعد أن قطعت الصلة بينها وبينه بجهلها ورعونتها، ووجّهناها إلى سعادة الحياة وشرف الحياة وجدّ الحياة بعد أن كانت قانعة منها لهزلها وسفاسفها وتوافهها. وكل ذلك مما يعين المعلّمين لهذا الجيل، ويخفف عنهم المشقّة.

فليعلموا أننا تعبنا في هذه المرحلة لينعموا ولو بقليل من الراحة، وأن على مقدار تعبهم في تربية هذا الجيل وتعليمه وإعداده للحياة ومطالبها تكون الراحة لمن بعدهم من المعلّمين والعاملين لخير هذه الأمّة في جميع الميادين.

إن زمانكم بطل فقاتلوه بالبطولة لا بالبطالة. وإن البطل هو الذي يتعب ليستريح غيره.

...

إن هذا البرنامج الذي أضعه بين أيدي أبنائي المعلّمين، والبرنامج الذي وضعته للتعليم التجهيزي، والذي وضعته لتعليم البنت المسلمة، كلها مرشدة لهم إلى أحسن الطرائق في التعليم، ومعينة لهم على تنسيق المسائل في هذا الوقت الذي تعسّرت فيه الكتب وكادت

<<  <  ج: ص:  >  >>