للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحياة كما ساوته في الواجب، مع الاحتفاظ التام بمقوّماتها الطبيعية التي منها الإسلام والعروبة وعدم التنازل عن الشخصية التي هي بها أمة، وهذا هو ما تقتضيه قواعد الإنسانية وقوانين العدل والإنصاف.

وأنا بصفتي جزائريًا من حقّه الطبيعي أن يفكّر في الحالة التي عليها وطنه وأبناء وَطَنِه، ومن حقّه أن يبدي رأيه بكل صراحة في ما يجب أن يناله من الإصلاحات، وبصفتي عالمًا مسلمًا من واجبه أن يدافع عن الإسلام وأحكامه ولغة دينه، وأن يغضب لحظهما المغبون مع الإدارة الجزائرية الاستعمارية، وبصفتي رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من واجبه أن يعبّر عن رأيها في المشكلات الإسلامية الجزائرية الخطيرة، ويشارك برأيه في ما يجب من الإصلاح السياسي والتعليمي إذْ هما أخوان للإصلاح الديني،- فبهذه الصفات الثلاث أقدم شكري للجنة المحترمة، لجنة الإصلاحات الجزائرية التي هيّأت لي الفرصة لإعلان رأيي بكل حرية في الإصلاحات التي تقتضي الظروف الإسراع بتنجيزها بكل إخلاص في مصلحة فرنسا وفي مصلحة الأمة الجزائرية الإسلامية معًا.

أصارح اللجنة المحترمة بأن كل ما فهمته إلى حدّ الآن من التصريحات الرسمية في هذه المسألة هو شيء مجمل لا يمكن معه تكوين رأي مفضل كامل يتناول من الإصلاحات أصولها وفروعها، إذْ مسألة الإصلاحات الإسلامية الجرائرية ليست من الأمور الهيّنة التي تحلّ بالعبارات المجملة والآراء المقتضبة.

وأصول هذه الإصلاحات الثلاث- وهي الإصلاح السياسي والإصلاح التعليمي والإصلاح الاقتصادي- لكل واحد منها فروع تحتاج إلى شرح وتفصيل، ومتى توفّر في الساعين فيها والقائمين على تنفيذها الإخلاص والإنصاف وبعد النظر سهل عليهم الوصول إلى نتيجة عاجلة وثمرة مرضية، وإذا رأت اللجنة المحترمة إجمالًا في رأيي فسببه الإجمال في الرسميات.

أنا أعتقد أن هناك أنواعًا من الإصلاحات تجب المبادرة بتنفيذها بصورة حازمة حاسمة، لأنها زيادة عن كونها معقولة في نفسها، لا يكثر حولها الجدل والاعتراض: وهى القضاء الإسلامي، والمساجد وأوقافها وموظفوها، والتعليم العربي الحرّ، وها هو رأيي مجملًا في الثلاثة:

أولًا- ـ[إصلاح القضاء الإسلامي]ـ: نرى أن مما تجب المبادرة به من الإصلاحات الخاصة إصلاح القضاء الإسلامي لأنه على غاية من الاختلال، لا من الجهة العملية ولا من الجهة العلمية، وان الأحوال الشخصية الإسلامية التي أعلن تصريح الجنرال "ديغول" المحافظة عليها وجعلها أساسًا للإصلاحات هي في الحقيقة والواقع لا وجود لها، أو هي بفعل القرارات أصبحت أمرًا وهميًا ولم يبق منها إلّا الخيال، لأنّ مظهرها العملي منحصر في النكاح والطلاق والميراث، وهي في الظاهر موكولة إلى قضاة مسلمين، ولكن أحكامهم

<<  <  ج: ص:  >  >>