للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه هي الحقيقة في النظر الإسلامي الذي لا يتغير بتغير النظريات الزمنية، وعلى هذا فالأمة الجزائرية المسلمة بواسطة علمائها هي صاحبة الحق المُطلَقِ دينًا وعقلًا وعرفًا معقولًا في إقامة دينها وادارة معاهده واختيار من يصلح لوظائفه من خطابة وامامة وقضاء وتعليم بما تقتضيه قواعد الدين، وتصح به عبادته وأحكامه، وبما أنها هي التي تصلي في المساجد فحقها الطبيعي المحعقول أن تختار من تقدمه للصلاة، كما أن من حقها الطبيي أيضًا أن تختار قضاتها الذين تضع في أيديهم ركنًا من أركانها الاجتماعية الخطيرة وهو النكاح، وركنًا من أركانها المالية الخطيرة وهو الميراث، وأن يكون لها من الإشراف على تعليمهم، ومن النظر في توليتهم وعزلهم، ما يمكنها من رقابتهم، وبضمن لها الانتفاع بهم وتحقق مصلحتها فيهم، وقيامهم بالعدل والإنصاف فيما يوكل إليهم على ما تقتضيه قواعد الدين.

وجمعية العلماء والأمة الإسلامية الجزائرية من ص ورائها يرون جميعًا بأعينهم ان الدينين المتجاورين مع الإسلام في قطر واحد يتمتع أهلوهما ومعابدهما بالحرية التامة والاستقلال الكامل دون المسلمين ودينهم ومعابدهم، فتكون هذه الحقيقة المحسوسة، اعتقادًا جازمًا في قلب كل مسلم بأن هذا ظلم من أقبح الظلم، وتعد على الإسلام من أقبح أنواع التعدي، واحتقار للمسلمين من أقبح أنواع الاحتقار، وإذا كان هناك ما هو أقبح منه فهو غضب الإدارة الجزائرية على كل من يشرحه بلسانه أو يطالب بالعدلما فيه، وهنا تقدم جميعة العلماء التي يفرض عليها الدين أن تقول كلمة الحق بعد اعتقاده، فتعبر بلسان الأمة جمعاء بهذه الحقائق التي أشرنا إليها وخلاصتها أنه:

"ليس من العدل ولا من الحق أن تتدخل الإدارة الجزائرية في شؤون الدين الإسلامي وانما الحق في ذلك للمسلمين وحدهم، لأن الإسلام يفرض عليهم القيام بذلك ".

ثم تبسط الجمعية للحكومة الجزائرية النقط الآتية مبينة رأيها فيها بكل حرية وكل إخلاص، معلنة أن أول نقطة يجب أن يفمها الطرفان على حقيقتها- إذ على فهمها يتوقف حل الاشكال- هي أن الدين هو ما يفهمها علماء الدين، لا ما يفهمه عامة المسلمين الجاهلة ولا ما تفهمه الإدارة بواسطة أعوانها الجاهلين أو الخادمين لأغراضهم الخاصة.

واذا كان المرجوع إليه في شؤون الدينين الموسوي والعيسوي هو احبار الأول وأساقفة الثاني وهم أحرار في معايشهم، فلماذا يذاد علماء الإسلام الأحرار في معايشهم عن هذا الحق؟ ولماذا يرجع فيه إلى غير أهله أو إلى بعض أهله المرتبطين مع الحكومة برباط المصلحة الشخصية؟ - وإذا قلنا علماء الإسلام فإنما نعني كل عالم فقيه بحقائق الكتاب والسنة. إذ هما منبع الإسلام- عالم بتاريخ الإسلام العملي عامل فيما يصلح المسلمين من

<<  <  ج: ص:  >  >>