للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين وشأنهم في تأسيس جمعيات دينية حرة بعيدة عن المؤثرات الحكومية السرية والعلنية، فإذا تمّ ذلك انتخبت تلك الجمعيات مجلسًا إسلاميًا يستمدّ سلطته من الأمة لا من الحكومة وهو الذي يتولى إدارة الأوقاف وإدارة المساجد بسلطة غير مقيّدة بشيء.

أما ما دام عامل العمالة هو الذي يولي رجال الدين ويعزل استنادًا على "الدوسي البوليسي" لا على الكفاءة الدينية، وما دامت الجرايات تقبض من الخزينة العامة وما دام العالم الديني لا يستطيع أن يلقي درسًا في كلام الله إلا بعد الترخيص من رئيس جمعية دينية حكومية غير منتخبة من الأمة، مع العلم اليقين بأن ذلك الرَّئِيسُ لا يرخص إلا بعد أن يسترخص ولا يأذن إلا بعد أن يستأذن وأنه (واسطة خير) فقط- ما دام الأمر كذلك وهو الواقع الذي لا ريب فيه- فنحن نعترف بأننا لم نرزق عقولًا نفهم بها معنى هذا الاستقلال.

إن جمعية العلماء تعلن لمروّجي هذا الاستقلال الديني، وللمغترين به أنه لا حقيقة له وأنها لا تشاركهم في الانخداع للمناورات والتشكيلات، فقد عرفنا حق المعرفة ان الحكومة الجزائرية كلما أرادت دفن شيء أكثرت من تشكيل اللجان، وانتقلت به من ميدان إلى ميدان.

إن جمعية العلماء سبقت إلى المطالبة بالحقوق الدينية وفاوضت فيها ودرست وحقّقت لأن ذلك كله من وظيفتها الطبيعية، ومن واجب كل مسلم صحيح النية في خدمة الإسلام أن يضمّ صوته إلى صوتها ويجعل مطالبها المقدّمة في أوت سنة ١٩٤٤ هي الأصل والقاعدة، ولا يعين الحكومة على التشتيت وتفريق الكلمة وتكثير الهيئات والشيع، ولا يسايرها في تجاهلها لجمعية العلماء، فليس في هذا كله خير للقضية الدينية.

ألا فليعلم كل مسلم جزائري أن جمعية العلماء لا تريد أن تحتكر لنفسها هذه القضية بوسائلها ونتائجها، وأنها تطالب باسم الأمة للأمة، وأنها ترى أن هذه القضية ليست من التفاهة بحيث تحل على يد فرد أو أفراد كما تقول الحكومة وتريد، وأنها لا تضلل الأمة فتسمّي لها الأشياء بغير أسمائها.

ألا فلتعلم الأمة حق العلم أن كل شيء في القضية على حاله القديم فلا "الاستقلال الديني حصل ولا حرية المساجد تمّت".

ألا فلتعلم الحكومة أن الأمة لا ترضيها هذه المناورات ولا تلهيها هذه الدعايات ولا يرضيها إلا فصل الدين الإسلامي عن الحكومة فصلًا صريحًا مطلقًا من كل قيد وأن تترك لها الحرية التامّة في انتخاب جمعياتها الدينية ومجلسها الإسلامي.

المجلس الإداري لجمعية العلماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>