للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليرجحا- إذا اختلف الناس- عيد الحكومة على العيد الديني، ثم يعتقدا- مع طول الزمن- أن رأي الحكومة في الدين هو الرأي، وأن أمرها هو المتبع، وأن حكمها في الخلاف الديني هو فصل الخطاب ...

فهمنا مرمى هذه الحيلة لأول ما دبّ دبيبها، بل تبيّنا مغزى هذه المكيدة لأول ما ذرّ قرنها، ونشرنا على الأمّة في العامين الماضيين بيانين أعلنا فيهما كلمة الحق وإن كانت موجعة، وجهرنا بحكم الله وإن كان ثقيلًا على الحكومة ولجنتها، وها نحن أولاء نعززهما في هذا العام بهذا البيان الثالث، لم نغيّر فيه رأينا لأن الدين لا يتغير، ولأن خصمنا في القضية هو الحكومة، ومواقفها من ديننا لم تتغير.

...

إن حكومة الجزائر ليست مسلمة حتى يكون حكمها في شؤون الدين مقبولًا فضلًا عن أن يكون مطاعًا، وإن جميع تصرفاتها في ما يتعلق بالدين باطلة، وإن قضاتها الذين نصبتهم موظفون قانونيون لا دينيون، بدليل أن أحكامهم تستند في أكثرها على القانون لا على الدين، ولو كان للأمّة رأي في توليتهم لما كان لهم سلطة على دينها، لأن أحكامهم لا تتناول العبادات، فكيف بهم والأمّة لا يد لها في ولايتهم، ولا رقابة على تصرفاتهم؟

هذه حقيقة أكبر شهودها الغضب منها. ويزيدها توكيدًا عدم عناية هذه الطائفة بهذه المسألة، فلا يستجمعون الشواهد والأدلة، على ثبوت الأهلة، وقد رأينا من تهاونهم- حاشا القليل منهم- ما يقضي بالعجب، ومن أشنعه أنهم ينامون ليلة ترقب الهلال على الساعة العاشرة أو قبلها، ومنه اعتماد بعضهم على عاملة التلفون لتجيب الناس على لسانه بالنفي أو بالإثبات ...

...

الأمر- إذن- لجماعة المسلمين، وليست جماعات المسلمين في هذا الوطن بأقل عناية واهتمامًا بالأهلة والصوم من غيرهم، وإنما ينقصهم أمر واحد: عدم العناية بالتبليغ، ولهم في هذا عذران: الأول أن وسيلة التبليغ العامة- وهي التلفون- ليست متيسرة للجميع، ومن تيسّرت له يلقى من العنت والاحتقار ما يزهده فيها، والثاني ميل عام في الجمهور إلى عدم الثقة بالقضاة في هذا الشأن.

ونكرّر القول بأن الأمر لجماعة المسلمين، وليست جماعة المسلمين محصورة في جمعية العلماء. وإن أقرب قطر إسلامي إلينا، تولّي قضاته حكومة إسلامية، ويعتني جمهوره

<<  <  ج: ص:  >  >>