للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجال، وخلود الأبطال، وإن من حافظ على الأوطان ولم يبخس الرجال حقّهم كتب الله له الخلود، ومن ضيّع الأوطان، وبخس عظماءه حقّهم ذهب في الذاهبين، وهل يمكن أن يحفظ القلب في غير الجسد؟ وهل ينسى المسلمون تلك الأماكن وأولئك الرجال؟

نعم كانت بدر موقعة حاسمة في تاريخ المسلمين كما كانت الوقائع الآنفة الذكر في غالبها نصرًا مبينًا، وما كان الدين الإسلامي ليبيح الحرب، وما كان ليحبّبها إلى النفوس، بل يبشع بها وبمثيرها ولكنه يحبّ السلام، ويدعو إلى السلام، إلا إذا اضطرّ إليها اضطرارًا ليدفع الشرّ بالشرّ، وهناك يخوضها المسلمون في غير هوادة حتى إذا وضعت الحرب أوزارها، رجعوا إلى البناء والتعمير، ونشر العلم والعدالة والإخاء بين الناس، وراحوا يصافون حتى المحاريين المعتدين، وما أكثر هؤلاء وما أصدق قول الشاعر الأول في هذا المعنى:

تَعْدُو الذِّئَابُ عَلَى مَنْ لَا كِلَابَ لَهُ ... وَتَتَّقِي صَوْلَةَ الْمُسْتَأْسِدِ الْحَامِي

وما أصدق قول حكيم العصر شوقي في نفس المعنى:

ألم ترَ أنهم صلفوا وتاهوا ... وسدّوا الباب عنا موصدينا

ولو كنا هناك نجر سيفًا ... وجدنا عندهم عطفًا ولينا

هذه حقيقة الإسلام، وهذا هو التاريخ الإسلامي فليقتد المسلمون، وليؤوبوا إلى الله، وليذكروا بأيامهم وليقبلوا على العلم.

وفقنا الله وإياكم لما يُحِبُّه ويرضاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>